حمدي رزق :
تقرير البنك المركزى الذى تجاهله الجميع!!
إذا ارتفع الدين الخارجى دولارًا هبت عاصفة هوجاء فى وجه الحكومة، وتتوالى التحليلات والتعليقات، والتوقعات السالبة، المحبطة، لكن خبر تراجع الدين الخارجى لمصر ليسجل ١٦٠.٦ مليار دولار بنهاية مارس ٢٠٢٤، مقابل ١٦٤.٥ مليار دولار بنهاية الربع الأول من ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤.. كالعادة يمر مرور الكرام.. ولا تعليق على بيان البنك المركزى ولا تحليل واعٍ أمين، الغرض مرض كما يقولون.
ما بالكم بتقرير صادر عن البنك المركزى المصرى يعلن عن سداد مصر فوائد وأقساط ديون خارجية بقيمة ٢٣.٨ مليار دولار خلال الـ٩ أشهر الأولى من العام المالى ٢٠٢٤/٢٠٢٣.
البنك المركزى لا يكذب ولا يتجمل، فى تقرير أخير يقول بتراجع الدين الخارجى ما يزيد على (٣,٦ مليار دولار) دفعة واحدة، وهو رقم يُترجم جيدًا، وبأمانة، ما يغرى بالتفاؤل الحذر، الاقتصاديون، عادة لا يفرطون فى التفاؤل..
فى العقيدة الاقتصادية الوطنية، القروض فروض، ومصر تؤدى فروضها أى قروضها على وقتها، وطوال تاريخها الطويل لم تتأخر يومًا عن سداد ما عليها راضية مرضية متحملة المشاق فى طريق صعب فرضته أحداث جسام عصفت بمقدرات الاقتصاد الوطنى.
دولة تعرضت لتجريف اقتصادى مريع، وتخريب متعمد، وحصار عالمى عقابًا على خلع الإرهابيين من الحكم، وجرى تجفيف الموارد، وحجب القروض والمساعدات، ولولا لطف الله بعباده، ونفرة أبناء مصر فى الخارج بمدد من التحويلات، لكان للقصة وجه آخر، الحمد لله (التحويلات عادت سيرتها الأولى وزادت بنسبة تفوق الـ١٠٠٪).
تراجع الدين الخارجى بشرى طيبة، ومؤشر اقتصادى جيد، ودليلنا ليس أمنيات، ولكنه واقع تتحدث عنه تقارير وكالات التصنيف الائتمانى التى اتسمت بالإيجابية ونظرة مستقبلية مستقرة، تأسيسًا على الإصلاحات الاقتصادية التى تُرجمت فى توافر احتياطى قوى من النقد الأجنبى.
تقرير المركزى يقول بارتفاع حجم صافى الاحتياطيات الدولية فى مصر إلى أعلى مستوى فى تاريخه عند ٤٦.٣٨٣ مليار دولار بنهاية يونيو، بزيادة ٢٥٨ مليون دولار مقارنة بنهاية مايو.
ما يمكن من تغطية نحو (٧.٩ شهر) من قيمة الواردات السلعية للدولة، بما يؤمن احتياجات البلاد لفترة تتجاوز بشكل كبير المعايير المتعارف عليها دوليًا كمستويات آمنة.
الحمد لله، ما تأخرنا يومًا عن السداد ونحن فى أتون معركة الإصلاح الاقتصادى القاسية، تخيل يا مؤمن مصر التى توعدوها بالخراب الاقتصادى، والانهيار، والسقوط، تخيل تسدد ٢٣.٨ مليار دولار خلال الـ٩ أشهر الأولى من العام المالى ٢٠٢٤/٢٠٢٣، وهذا رقم ضخم لو تعلمون، رقم صعب سداده فى ظل أزمات اقتصادية تُمسك بخناق الاقتصاد الوطنى..
يلزم التوقف عند الإيجابيات، وتبين معانى الأرقام أعلاه، فى هذا التوقيت، مهم اقتصاديًا.. للأسف مر بيان المركزى مرور الكرام على السادة اللئام، مثل هذه التقارير الإيجابية لا تلقى رواجًا فى الفضاء الإلكترونى، يغضون الطرف عنها بعمدية لا تخفى على لبيب، واللبيب من الإشارة يفهم.
تخيل الأرقام، واعقلها، تخيل رقم الاحتياطى النقدى (٤٦.٣٨ مليار دولار فى يونيو الماضى) يذكرك بقيمة الاحتياطى النقدى المصرى إبان (يناير ٢٠١١ )، سجل فحسب (٣٦ مليار دولار)، وكان مصدر افتخار من الكبار، كبار المحللين وقتئذ، ولايزالون فخورين!!.