شارل فؤاد
يكتب سياسةعض الأصابع في لبنان
الحالة التفاؤلية التي تعيشها لبنان بانتخاب رئيس وحكومة يبدو أنها سرعان ما ستتبدد مع اعتداء عناصر حزب الله على قوات اليونيفيل (القوات المؤقَّتة للأمم المتحدة في لبنان)، حيث يحمل هذا الاعتداء دلالاتٍ خطيرةً متعددةً على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
ويمكن تفسيرها كالتالي: سيتسبب هذا الاعتداء في زيادة التوتر بين حزب الله (المدعوم من إيران) والقوى الدولية أو الإقليمية المعادية له، خاصة إسرائيل.
فقد يكون الحزب نفَّذ هذا الفعل كرسالة قوة لفرض وجوده أو ردًّا على ضغوط خارجية وقد يرتبط الحدث بسياق أوسع، مثل التصعيد في الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أو التوترات الناجمة عن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.
قوات الأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) مُكلَّفة بمراقبة الهدوء على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية بموجب قرارات مجلس الأمن ( القرار 1701 بعد حرب 2006).
ويُعد الاعتداء على قواتها انتهاكًا للشرعية الدولية وتهديدًا لدور الأمم المتحدة في حفظ الاستقرار، مما يعكس استخفافًا من قبل الحزب بالضغوط الدولية أو محاولةً لإضعاف دور المنظمة الدولية في المنطقة.
يُظهر الحدث ضعف الدولة اللبنانية التي بدأت في التعافي بفرض سيادتها على كامل أراضيها، خاصة في المناطق التي يهيمن عليها حزب الله.. وربما بدء مرحلة جديدة من عض الاصابع لتكريس الهيمنة بين جانب فقد سطوته والدولة العائدة بقوة.
وايضا يزيد من الانقسامات الداخلية بين القوى السياسية اللبنانية، لا سيما بين التيار المؤيد لحزب الله والتيار المعارض لتدخله في الشؤون السيادية
هناك من يعتقد أن الاعتداء قد يكون “اختبارًا” لردود الفعل الدولية أو الإسرائيلية، أو محاولةً للضغط في مفاوضات غير مباشرة كالتي تتعلق بترسيم الحدود مثلا .
التداعيات الدولية الخطيرة قد تدفع الدول المساهمة بقوات في اليونيفيل (مثل إيطاليا وفرنسا) إلى مراجعة مشاركتها أو تعزيز إجراءات الحماية لقواتها. وقد يُستخدم الحدث في المحافل الدولية (مثل مجلس الأمن) لإدانة حزب الله وتوسيع نطاق العقوبات عليه أو على حلفائه.
حادث الاعتداء يعيد إلى الواجهة العلاقة الوثيقة بين حزب الله وإيران، وقد يُفسَّر الهجوم كجزء من سياسة طهران الرامية إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، مما يؤدي إلى مخاطر التصعيد العسكري إذا تكررت مثل هذه الهجمات، فقد تدفع إسرائيل إلى ردٍّ عسكري مباشر ضد حزب الله أو لبنان، مما يزيد خطر اندلاع حرب واسعة كما حدث عام 2006.
ايضا يؤدي الاعتداء على قوات اليونيفيل إلى تعقيد المشهد اللبناني والإقليمي، حيث تتداخل المصالح المحلية مع الصراعات الجيوسياسية الأوسع.
وتُذكِّر مثل هذه الأحداث بهشاشة الاستقرار في لبنان، ودور الفصائل المسلحة غير الحكومية في تقويض سيادة الدولة والسلام الدولي.