وزير مفوض تجاري/ منجي علي بدر
بدأت رحلة الدولار الأمريكي كوسيلة سداد للمدفوعات الدولية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وانتقل الدولار من عمله محليه الي عمله دوليه وتم توقيع إتفاقية بريتون وودز (Bretton Woods Agreement) في ٢٢ يوليو ١٩٤٤ ووقع على الاتفاقية ٤٤ دولة وتم فك ارتباط عملات العالم كله بالذهب في حين استمر الدولار مرتبط بالذهب بسعر أوقية ذهب تساوي ٣٢ دولار ،
وفي هذه الأثناء كانت الولايات المتحدة تمتلك 75 ٪ من ذهب العالم وكان الدولار العملة الوحيدة على مستوى العالم المغطّاة بالذهب ، مِمّا دفع عدداً كبيراً من دول العالم إلى تكديس الدولارات الأميركية بهدف استبدالها بالذهب مستقبلاً كاحتياطي وصارت بلدان عديدة تستخدم عملة الدولار كاحتياطي النقد الأجنبي، وقد وافقت الدول الأعضاء بالاتفاقية بين عامي ١٩٤٥ و ١٩٧١ على المحافظة على أسعار صرف عملاتها مقابل الدولار .
ثم جاءت صدمة الرئيس الأمريكي نيكسون في ٣ أغسطس عام ١٩٧١ (NIXON SHOCK) وأصدر الأمر التنفيذي رقم ١١٦١٥ بتعليق العمل باتفاقية بريتون وودز وفك ارتباط الدولار الأمريكي بالغطاء الذهبي ، وفي نفس الوقت وبالتوازي تم ربط أسعار البترول بالدولار الاميركي وكان ذلك قبله حياه جديدة للدولار .
ويعتقد بعض المحللين أن العالم كان يعمل ويصدر للولايات المتحدة الامريكية وهي تطبع دولارات تستورد به ما ترغب من كل العالم ،
ويري البعض الآخر أن مقدار الهيمنة الأمريكية وسيادة الدولار حوالي ٨٠ ٪ من التجاره العالمية ونظرية أن الولايات المتحدة كانت تخدع العالم غير دقيقة حيث أن اقتصاد العالم ينمو مع النمو السكاني و التقدم العلمي و الصناعي والخدمي قد جعل حجم السلع والخدمات والتبادل التجاري اكبر من أي كمية ذهب يمكن استخراجها من عمليات التعدين، وقيمة كل الذهب المكتشف حوالي 7 تريليون دولار في حين أن حجم السيولة في العالم حوالي 280 ضعف الرقم أعلاه ،
ولو استمر ارتباط العملات الدولية بالذهب كانت ستحدث أزمة سيولة عالمية ، أو يتم الإعتماد علي أسلوب الصفقات المتكافئة في التبادل التجاري بين الدول أي تبادل سلعه مقابل سلعه أو خدمة مقابل خدمة ولا يتماشي ذلك مع سرعة العصر الحديث .
ونظرًا لاستحالة قيام الولايات المتحدة الامريكية بالالتزام بالغطاء الذهبي لجميع المعاملات التجارية في اتفاقية بريتون وودز فان بعض الاقتصاديين يري أنها خدعت العالم كله لأنها كانت تعلم أنها لن تستطيع الاستمرار في قاعدة الذهب وبالتالي جاءت صدمة نيكسون Nixon shock
إن خروج الولايات المتحدة علي قاعدة الذهب كانت فكرة ثورية عام ١٩٧١ ولم يكن أحد يتصور وقتها أن العالم يحتاج سيولة من الدولار أكبر من حجم الذهب الموجود علي كوكب الارض، و كانت أيضًا صدمة في السوق الامريكية نتيجة تغيير سعر صرف الدولار و التضخم الذي حدث .
أن سيطرة الولايات المتحدة الامريكية علي الاقتصاد العالمي ليس عن طريق الخروج علي قاعدة الذهب منذ عام ١٩٧١ فحسب بل لأن لديها اقتصاد ضخم و متنوع وذو مرونة وحرية اقتصادية مع تواجد دولة قوية اقتصاديًا وعسكريًا ومتابعة أجهزة الدولة لضمان منع الاحتكارات وحماية المنافسة والملكية الفكرية وجذب رؤوس الاموال و السماح بهجرة العقول والشباب اليها.
وعليه ، سوف تستمر رحلة هيمنة الدولار طالما استمر تماسك الولايات المتحدة الامريكية والغرب ورضي الآخرون بذلك ، وهو ما يفسر بشكل جزئي الدعم الكبير للحرب في أوكرانيا للحفاظ علي الهيمنة والصدارة العالمية .