قطع برنامجه الرسمي المعتاد, وألغى كل ارتباطاته المبرمجة سلفا..
حط مجددا في جنوب البلاد, بحالة مزاجية أثارت انتباه من حوله, لكن أحدا لم يجرؤ على سؤاله, ما الخبر إذا سيدى؟
فورا, أمر حكومته بعقد اجتماع عاجل في أسوان, وأقال كل من شغل منصبا إداريا وأمنيا فيها, بما فيهم المحافظ ومدير الأمن وأحالهم للتقاعد..
كيف حدث هذا؟
طرح السؤال بصوته المحتد, ويده تهبط من علياء بغضب على طاولة وضعت أمامه..
كان غاضبا للغاية, وهو ينظر مباشرة الى عيني وزير الداخلية ومحافظ البنك المركزى ومسئول الإعلام ( المجهول)..
مجددا , أريد إجابة على هذا السؤال البسيط, كيف حدث هذا..
هل صحيح ماسمعته:
أن وغدا, معتوها, أبلها بسجل جنائى وتاريخ منحط, صفع أجهزة الدولة على قفاها( وفى قول آخر مؤخرتها) , لكنها بفضل الله تمكنت أخيرا من اعتقاله..
خيم الصمت على القاعة التي احتضنت الاجتماع, واحتلت تعبيرات الوجوم والذهول, وجوه الحاضرين..
لقد سقطت أجهزة الدولة في المحافظة , تلك هى البروفة جنرال..
كيف نجح من تحتل البلاهة وجهه في أن يخدع كل هؤلاء …
أي رسالة إعلامية كان يوجه, وأى دعاية كان يعتمد؟
وكيف منح تلك الثقة المزيفة لضحاياه لكى يقدموا أموالهم ببساطة وسذاجة على هذا النحو؟
كانت كلمات المختل عقليا في مواجهة خطباء المساجد وبعض الخيرين, الذين حاولوا اقناع الناس بأن مايفعلونه باطلا وحراما ومحض نصب..
لم يأبه الضحايا( المساكين) بالنصيحة ومضوا الى إعلان إفلاسهم بأنفسهم..
تصور!!!.
لكن مع ذلك, فقد صب الضحايا لعناتهم على كل ماهو حكومي, لم تسلم حتى سيارات الإسعاف..
هدد المعتوه السلم الأهلي وأصابه في مقتل..
محملا ببركة السيدة زينب, وملتفحا بغطاء يستر جرحا في رقبته أصيب به أيام الشقاوة..
بسبحة وكلمات مبتورة, أقنع الأهالي بإخراج ما في جعبتهم..
لشهور, كان هو المحافظ الحقيقي لبنك وهمى اخترعه للأهالى, ولم لا وهو نفسه يحمل اسم البنك كشهرة..
لم يستوقف أي مسئول في الدولة نشاط هذا المختل,طيلة هذه الشهور والأسابيع..
لم يكن النشاط سريا, فصيته ذاع في قرية الشرفاء( تصور) وتخطاها الى ما حولها..
لقد وسع المعتوه من دائرة نشاطه في تجارة وهمية, بأرباح وهمية, في مواجهة حكومة وهمية, وشعب وهمى آخر لا نعرفه..
كان مدهشا أن يكون للنصاب حسابا يحظى بالمتابعة على وسائل التواصل الاجتماعي..
حتى اللحظة الأخيرة ظل يوهم الجميع بأن كل شيء على مايرام, وتحت السيطرة, بينما الحقيقة أنه كان يخطط للحظة الهروب..
عشوائى في كلماته وهروبه وعمله, لكن تاريخه لم يكن كذلك..
ومع ذلك, كان بإمكان هذا المتخلف عقليا كان يطل على ضحاياه عبر الفيسبوك في بث مباشر , مطمئنا ومدغدغا لعواطفهم البائسة..
حمدا للرب, فقد اطمأنوا الى أنه لم يكن نصابا, فقط اعتراهم بعض الشك أن تلك الأموال التي يحصلون عليها كأرباح , هي من تجارة المخدرات أو الآثار( تصور!!)
أجاد في تحقيق المصالحة الوطنية التي عجزت عنها الدولة, بين عنصرى الأمة, أقباطا ومسلمين, فالكل وقع تحت طائلة النصب العلنى , بطيب خاطر وعن سابق إصرار وترصد..
كما لو كان رئيسا يسقط نظامه وهو يوهم شعبه أنه لازال في السلطة..
هكذا فعل هذا المستريح, المتعب..
لم تكن تلك هي القصة الأولى والأخيرة, فقبله, نجح المئات, وبعده أيضا سيواصل بعض الحمقى النجاح..
هذه أزمة كبرى, وتاريخ منحط لمجتمع بأكمله..
بكل مستوياته ومسؤولية غير المسؤولين اطلاقا..
لقد سقطت منظومة بالكامل, على المستوى الأمني والإداري والإعلامي والديني..
من المدهش أن تكتشف أن المعتوه بتاريخه الجنائى , كان قادرا على ممارسة نشاطه طيلة هذه الفترة وتحت سمع وبصر الجميع, دون أن يتسائل أحدهم, عن القصة, أو تنتابه الشكوك فيما يحدث..
لقد أفقنا على كابوس مجتمعى مذهل, الكل فيه شريك بنسبة ..
أيها الدراويش, لقد تجلى النصاب وأقام احتفالية بالسيدة زينب, حيث نحرت الذبائح للفقراء وتنشق البسطاء الحشيش بهدوء وطمأنينة( تصور!!)..
من المدهش أن يكون صاحبنا قد ظهر على شاشة تلفزيون الدولة الرسمي( قناة أسوان) ليبشر باستعداده للمساهمة في حل مشاكل الدولة, ذلك أنه كان يعد الدهماء بحياة كريمة وهو نفس الشعار الذى ترفعه الدولة ورئيسها.
كثيرا ماردد اسم السيدة زينب, في كلامه المعتوه مثله…
لم يفوت الفرصة دون أن يردد اسم الرئيس , ويقدم نفسه كصانع للخير على حساب المعوزين والدهماء والحمقى..
هكذا تجرى الحكايات في دولة تفتقر الى اعلام حقيقي يسلط الضوء على عوار المجتمع ليصلحه لا ليتاجر به لتحقيق نسبة مشاهدة بائسة..
وفى ظل معارضة هزيلة بائسة تبحث لنفسها على مقعد تحت الأضواء وبجانب السلطة..
وفى ظل اختيار عشوائى غير ناضج لمن يتولوا الإدارة وشئوون العباد..
وهكذا أيضا تروج صناعة أفلام الكوميديا السوداء , التي تجبر تلك البلدة الطيبة على التخلي عن طيبتها وطبيعتها..
لهذا أيضا , أنا لن أستثنى منكم أحدا يا أولاد ال(………)
لم يكن مظفر النواب خجولا وهو يقولها, بيد أنى أرى أنها أقل مايمكن أن يقال..
(ملاحظة على الهامش, جرت تلك الواقعة في مصر المحروسة زمن الجبرتى, ولقد نقلتها بسوء تصرف) تصور!!!