عن أوكاموتو وشيجينوبو.. وبايدن في اليابان
كمال جاب الله
kgaballa@ahram.org.eg
اليوم 30 مايو، يجمع -بالصدفة- بين مناسبتين، تحظيان بتغطية إعلامية واسعة في اليابان، أولاهما تتعلق بمرور 50 عامًا على قيام عناصر تنتمي للجيش الأحمر الياباني باقتحام مطار اللد، والثانية: أصداء زيارة بايدن لبلاد الشمس المشرقة.
أتذكر جيدًا المناسبة الأولى، حيث كان عمري 19 عامًا، وقتها، وأنقل عن أحد المواقع الإخبارية الفلسطينية تقريرًا حديثًا جاء فيه:
في 30 مايو عام 1972 ترجل 3 يابانيين من طائرة فرنسية، بمطار اللد، وعندما وصلت الحقائب لأيادي المسافرين أخرج الفدائيون اليابانيون أسلحتهم الأوتوماتيكية من حقائبهم، وباشروا بإطلاق النار في كل اتجاه وإلقاء القنابل اليدوية بأرض المطار.
حسب التقرير الإخباري الفلسطيني، تسببت العملية في مقتل وإصابة العشرات، أما المهاجمون الثلاثة، فقتل أحدهم بعد نفاد ذخيرته، فيما قام الثاني بتفجير نفسه بواسطة قنبلة يدوية، وألقي القبض على الثالث، كوزو أوكاموتو، بعد إصابته.
أيقونة بيروت
تحول كوزو أوكاموتو إلى أيقونة، باعتباره أكثر المناضلين والسجناء شهرة، بعد أن أمضى 13 عاماً في الأسر بسجون الاحتلال الصهيوني، أمضاها بالعزل الانفرادي بعدم الحكم عليه بـ 3 مؤبدات، فقد –خلالها- ذاكرته وسلوكه السويّ تحت التعذيب.
جرى تحرير كوزو أوكاموتو في صفقة لتبادل الأسرى، أبرمت في عام 1985 بين الاحتلال الصهيوني والجبهة الشعبية – القيادة العامة، بقيادة أحمد جبريل، في إطار التعاون والتخطيط مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بقيادة الدكتور جورج حبش.
كل ما يعرف عن الفدائيين اليابانيين الثلاثة أنهم كانوا أعضاء بالجيش الأحمر الياباني، تدربوا في لبنان على تنفيذ العملية، وكانوا طلاباً جامعيين، أحدهم درس التصميم المعماري، والثاني هندسة الكهرباء، ودرس كوزو أوكاموتو علم النبات.
مكث كوزو أوكاموتو فترة قصيرة في ليبيا، وانتقل –بعدها- إلى سوريا، وهرب -مع رفاق من منظمة الجيش الأحمر إلى لبنان، وفي 15 فبراير عام 1997، اعتقل مع أربعة نشطاء من التنظيم، وبعد فترة، صدر حكم عليهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
بعد انتهاء فترة الحبس، جرى طرد رفاق أوكاموتو لليابان حيث خضعوا للمحاكمة بتهمة الإرهاب الدولي، باستثناء كوزو، الذي حظي باللجوء السياسي في لبنان بسبب مشاركته بالمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتعرضه للتعذيب الوحشي.
كوزو أوكاموتو يبلغ من العمر –الآن- نحو 82 عاما، ويعيش في شقة بسيطة في بيروت، وظهر في حفل تكريم عام 2016، كرمز للمناضل الأممي من أجل فلسطين.
الجيش الأحمر
تحت عنوان “الحقيقة وراء أسطورة الجيش الأحمر الياباني”، نشرت بوابة اليابان بالعربي، تقريرا بمناسبة مرور نصف قرن على عمليات التنظيم باليابان وخارجها.
التقرير أعطي نبذة مختصرة عن تاريخ الجيش الأحمر الياباني، فيما يلي أهم ما جاء فيها: في عام 1958، جرى تشكيل رابطة الشيوعيين، في 1959-1960: الكفاح الأمني، في 1969: تشكيل فصيل اليسار الثوري وانقسام رابطة الشيوعيين وتشكيل فصيل الجيش الأحمر، في عام 1970: الكفاح الأمني وحادثة يودوجو.
في عام 1972: اندماج فصيل الجيش الأحمر وفصيل اليسار الثوري وتشكيل الجيش الأحمر الموحد، وتجمع 28 عضوا من أعضائه (3 منهم ماتوا في ذلك الوقت) في القاعدة الجبلية لجبل هارونا بمحافظة جونما اليابانية، وتحصن 5 أشخاص في “اساما سانسو”، وإطلاق النار على مدني ووفاته، واقتحام المكان واعتقال الأشخاص الخمسة ومقتل شرطيين، ومقتل وإصابة العشرات بمطار اللد.
في عام 1974: تشكيل الجيش الأحمر الياباني، وفي عام 1975: حادثة الاعتداء على السفارتين الأمريكية والسويدية في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وفي عام 1997: اعتقال 5 أشخاص من أعضاء الجيش الأحمر المختبئين في لبنان.
في عام 2000: إلقاء القبض على شيجينوبو فوساكو التي كانت مختبئة باليابان. وفي 14 إبريل 2001، أعلنت شيجينوبو حل الجيش الأحمر من داخل السجن.
خلال كتابتي للمقال قرأت خبرا، عبر الميديا، مفاده: إطلاق سراح شيجينوبو -76 سنة- بعد قضاء عقوبة بالسجن مدتها 20 عاما، وقام بتحيتها خارج السجن 20 شخصا، وأعربت عن أسفها للأذى الذي ألحقته عبر احتجاز رهائن وحوادث أخرى.
تلك -باختصار- نبذة مختصرة جدا عن العملية الفدائية، التي مر على تنفيذها اليوم -بمطار اللد الإسرائيلي- نصف قرن، أكتبها معتمدا على مصدرين أحدهما فلسطيني والثاني ياباني، فماذا عن المناسبة الأخرى، التي تحدثت عنها في بداية المقال؟
رحلة بايدن
الأسبوع الماضي، وتحت عنوان “الصينو فوبيا تطغى على جولة بايدن الآسيوية”، أفردت مساحة لمحطة الرئيس الأمريكي في العاصمة الكورية الجنوبية، سول، وفيما بقي من مساحة، سوف أحاول أن أضيف لما أسفرت عنه زيارته لطوكيو.
ملخص المواضيع الرئيسية التي تناولها المؤتمر الصحفي المشترك لرئيس مجلس الوزراء الياباني، كيشيدا فوميئو، والرئيس الأمريكي، جو بايدن على النحو التالي:
قال كيشيدا: “لقد أعدت أنا والرئيس بايدن التأكيد على الحاجة إلى سرعة تقوية التحالف الياباني-الأمريكي فيما يتعلق بقدرات الردع والاستجابة”، مشيرا إلى أنه أبلغ بايدن بخطته لتعزيز القدرات الدفاعية اليابانية، وزيادة كبيرة في الإنفاق بهذا القطاع، ورحب بايدن بهذا التعهد، مضيفا أن “الولايات المتحدة تظل ملتزمة تماما بالدفاع عن اليابان، والعمل معا بشكل أوثق في بيئة أمنية متزايدة الصعوبة”.
في إشارة إلى الصين، أشار الزعيمان، كيشيدا وبايدن، إلى أن “المحاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع القائم بالقوة، مثل العدوان الروسي على أوكرانيا، يجب ألا يتم التسامح معها أبدا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”، وأكد كيشيدا أهمية ضمان السلام والاستقرار في مضيق تايوان، والتوصل لحل سلمي للقضية.
في حين قال بايدن: “نحن نؤيد سياسة الصين واحدة، لكن هذا لا يعني أن بكين لديها القدرة والحق للسيطرة على تايوان، لذلك نحن نقف بحزم مع اليابان ومع الدول الأخرى حتى لا نسمح بذلك”.
أعرب كيشيدا عن قلقه بشأن برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية، وتحدث عن الحاجة لإصلاح الأمم المتحدة، وقال إن بايدن أكد دعمه لأن تصبح اليابان عضوا دائما في مجلس الأمن بعد إصلاحه.