معجزة تنموية ومعمارية في “درة” الساحل كمال جاب الله
kgaballa@ahram.org.eg
تحمست بشدة لرؤية النهضة العمرانية المدهشة، التي تشهدها مدينة العلمين الجديدة، فور الانتهاء من قراءة تقارير نشرتها بوابة الأهرام، عقب زيارة ميدانية قام بها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لموقع العمل، منذ أيام.
لأنها المرة الأولى التي أزور فيها مدينة العلمين الجديدة، فقد كنت أسيرا-قبل الزيارة- لانطباع قد يكون سائدا لدى الملايين، بأنها مجرد أبراج وناطحات سحاب وملاهي، توظف فيها استثمارات هائلة، وتطل على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.
هذا هو الانطباع الأولي، الذي تسوقه أجهزة الإعلام، وتجتهد في ترسيخه لدى المتلقين، “بحسن نية طبعا”، من خلال نشر صور الأبراج المهيبة، والممشى الشاطئي الأسطوري، وكذلك، المنطقة الترفيهية، المطلة على البحر مباشرة.
قولا واحدا، أريد إضافته، بعد رؤيا العين للموقع، على مدار يوم كامل: ما خفي من أعمال إنشائية -بطولية أخرى- هو الأعظم، لتحقيق حلم “جمهورية السيسي” بأن تصبح مدينة العلمين العصرية، بحق، إحدى مدن الجيل الرابع، وتنفرد عن مثيلاتها من المدن، بفضل موقعها المميز، وكبوابة لمصر الجديدة من جهة الساحل الغربي.
بحكم السن والتقاعد الاختياري –كمدير للتحرير ورئيس للدسك المركزي بالأهرام- أقيم في بيتي الساحلي معظم أشهر السنة، على بعد نحو 60 كيلو مترا من العلمين الجديدة، وقد تلقيت دعوة كريمة من الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية، CSCEC، لتفقد أعمال إنشائية لإقامة 5 أبراج في المنطقة.
لأن موعد الالتقاء في موقع العمل قد تحدد في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء الماضي، فقد غادرت بيتي –بسيارتي- في تمام التاسعة، معتقدا أن 60 دقيقة كافية، للوصول في الموعد المحدد، غير أنني كنت مخطئا، ووصلت للمكان الخطأ، بعد مرور ساعتين ونصف الساعة، وكدت أتوه في الصحراء الغربية، لماذا؟
كما نوهت في بداية المقال، قادني الانطباع الأولي السائد بأن الأبراج الخمسة الجديدة، التي سأزورها، تقع ضمن ناطحات السحاب الشاطئية، ذائعة الصيت، وبالتالي، وصلت إلى شاطئ البحر، وسط غابة من أبراج، ليست هي المقصد!!
مدينة العلمين الجديدة تبلغ مساحتها حوالي 300 كيلو متر مربع، ومن المخطط أن تصبح العاصمة الصيفية للبلاد في المستقبل القريب، وتتوفر فيها كل مقومات المدينة الشاملة، من البنية الأساسية للمرافق التعليمية والصناعية والسياحية.
لذلك، لا تمثل مساحة الأبراج الشاطئية والممشى الساحلي والملاهي وغيرها- المتداولة إعلاميا- إلا ما نسبته 10% تقريبا من إجمالي المدينة الجديدة، وباقي الـ 90%، يقع جنوب الطريق الساحلي، في عمق الصحراء، وجاري إنجازه بكل همة.
مركز مدينة العلمين الجديدة، الـ داون تاون، وأحياؤها، بما فيها من أبراج شاهقة وتجمعات سكنية وخدمية، وتجارية وصناعية وسياحية وترفيهية، من المنتظر أن تقع –جميعها- فيما يسمى بالشاطئ الجنوبي لبحيرات صناعية مستقبلية بالمنطقة.
الأبراج الخمسة، التي تتولى الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية إنشاءها، تقع في مركز المدينة الجديدة، الـ داون تاون، وتحديدا، على الشاطئ الجنوبي للبحيرات الصناعية، المخطط حفرها، وملأها، وتشطيبها، في عمق الصحراء.
طريق الوصول إلى مركز مدينة العلمين الجديدة، الـ داون تاون، ليس ممهدا، ومفهوم طبعا السبب، لأنها منطقة إعمار، جارية على قدم وساق، في أراض صحراوية، وبدلا من قطع المسافة في 5 دقائق، استغرق الوقت نصف الساعة.
وفقا لتصريحات حديثة أدلى بها الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، في أثناء تفقد مدبولي لمشروع الـ داون تاون بالعلمين الجديدة، يقع مركز المدينة على مساحة 33079 فدانا، ويتكون من أحياء وعمارات سكنية وساحات تجارية وأماكن انتظار للسيارات، إضافة للأبراج الشاهقة الخمسة.
لدى وصولي إلى موقع البناء والتشييد للأبراج الخمسة، فوجئت بما يشبه خلية النحل، تضم مئات العاملين من المصريين والصينيين، نحو 2000 من المهندسين والإداريين والعمال، احتفلوا للتو، في 20 يونيو الحالي، بمرور عام على وضع حجر أساس مشروع عظيم، سوف يخلد اسم كل من ساهم في إبداع فكرته وتنفيذه.
في 8 فبراير عام 2021، وقعت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والشركة الصينية للهندسة المعمارية، بوصفها أكبر مقاولي العالم، على عقد تنفيذ الأبراج بالعلمين، بقيمة 1.97 مليار دولار، ويجري السداد لكامل الأعمال بالجنيه.
ينص العقد على تصميم وإنشاء برج أيقوني بارتفاع 300 متر، 68 طابقا، وبإجمالي مسطحات 465 ألف متر مربع، ويجري تنفيذه خلال 45 شهرا، ليصبح -عند اكتماله- أحد أفضل 10 مبان سكنية في العالم.
بالإضافة إلى تصميم وإنشاء 4 أبراج أخرى، بارتفاع 200 متر، 56 طابقا، كاملة التشطيب والخدمات، تطل على بحيرة صناعية، بإجمالي مسطحات 320 ألف متر مربع، ويجري التنفيذ خلال 39 شهرا، وإنشاءات خدمية بمساحة مليون متر مربع.
يجري تصميم وتنفيذ المباني شاهقة الارتفاع على غرار أبراج منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، التي توصف بـ هرم العصر الجديد في مصر، وتنفذها الشركة الصينية، ويبلغ عددها 20 برجا، باستثمارات تقدر بنحو 3 مليارات دولار.
في 6 أكتوبر عام 2019، كتبت في “بوابة الأهرام” الغراء أن المدير العام التنفيذي للبرج الأيقوني بالعاصمة الإدارية الجديدة، المهندس الصيني وي جيان شون، سوف يدخل التاريخ، مثلما حفر اسمه-بامتياز- فرعون مصر، الملك خوفو.
مشاعر الانبهار والفخر والاعتزاز، نفسها، راودتني، وعبرت عنها صراحة، في أثناء تفقد الأعمال الإنشائية المهيبة للبرج الأيقوني والأبراج الأربعة الأخرى بمركز الـ داون تاون بالعلمين الجديدة، تحت قيادة المهندس الصيني، وانج تش.
هذا المهندس الشاب، 39 سنة-وصفته بأنه سيدخل التاريخ، من أوسع أبوابه مثل “الإسكندر الأكبر- حدثني عن التحديات، التي تواجه فريق العمل المكلف من المصريين والصينيين، لبناء الأبراج على أحدث مستوى، وأنه جرى الاستعانة بخبرات 20 شركة استشارات عالمية لبلوغ أعلى درجات التصميم والبناء.
في وقت قياسي، جرى الانتهاء، بالفعل، من صب الأساسات الخرسانية للأبراج الأربعة، وفي شهر أغسطس المقبل ستنتهي أعمال صب الأساسات للبرج الأيقوني، تمهيدا لاستكمال أعمال البناء بالأبراج الخمسة.
تبقى الإشارة إلى قائمة شرف مختصرة، من أسماء المدراء الصينيين، الضيوف القائمين على تصميم وبناء وتشطيب الأبراج الخمسة بالعلمين الجديدة، قابلت عددا منهم في أثناء الزيارة، وتضم القائمة: شينج شيو تشوان، تسنج هاو، فانج شينج، تساو ليان تش، شيوي بوه، فان شين فنج، تان وي، دونج دو، و قوه تشوان يوي.
بعد شهرين، سوف أكمل-بفضل الله- التاسعة والستين، وفي عام 2025، ستصبح الصحراء الجرداء، التي زرتها بالأمس، مدينة عصرية حديثة بالمعنى المخطط له، فهل سيطول بي العمر لأحكي للأبناء والأحفاد قصة بدايات تشييدها وإعمارها؟! قادر يا كريم.