حسن عامر
مؤكد انزلقت أوروبا نحو دوامة خانقة .. بعد سقوط بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني بأسبوعين ، سقط ماريو دراجي رئيس وزراء إيطاليا ، بعد إسبوع من التأرجح بين البقاء في الحكم أو الاستقالة ..
لكن يبدو أن الاستقالة كانت المصير المحتوم رغم إن الرجل نال ثقة مجلس الشيوخ مساء الأربعاء .
وبمجرد أن حصل علي الثقة أنسحب من حكومته ثلاثة أحزاب قوية ، وتركوا الوزارة تواجة
العواصف والأمواج ، فأثر الرجل الاستقالة والدعوة الي إنتخابات مبكرة ..
بسقوط دراجي تصبح المانيا وأسبانيا في مركز الدوامة …
سقوط دولة ثالثة سيؤدي الي انفراط عقد التحالف الأوروبي الأمريكي ضد روسيا بوتين ..
اليكم التقارير الصحفية عن الأزمة في إيطاليا خلال يومي ١٩ و٢٠ يوليو ٢٠٢٢
حاول رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي إطلاق صافرة النهاية لحكومته، لكنه يتعرض لضغوط من أجل البقاء في منصبه لبعض الوقت.
وعقب شهور من تفاقم التوترات داخل حكومته، ورفض “حركة الخمس نجوم”، وهي عضو رئيسي في الائتلاف، التصويت مع الحكومة توجه دراجي على الفور إلى القصر الرئاسي لتقديم استقالته، لكن الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا رفض الاستقالة وطالبه بالانتظار لبعض الوقت أملا في التوصل إلى حل من شأنه الإبقاء على إدراته، وفقا لصحيفة بوليتكو الأمريكية.
مناشدات خارجية بالبقاء
وناشد عدد من القادة في الخارج والداخل دراجي بالبقاء، مشيرين إلى أن حرمان إيطاليا من حكومة تعمل بكامل طاقتها من شأنه أن يقوض التقدم في الإصلاحات الاقتصادية ويؤخر إقرار ميزانية 2023 حتى العام المقبل.
قد يؤدي الرحيل المبكر لدراجي أيضا إلى مواجهة إيطاليا صعوبات في الحصول على تمويلات الاتحاد الأوروبي من صندوق التعافي من فيروس كورونا، في وقت يتعرض فيه الاقتصاد لضغوط وتواجه البلاد أزمة طاقة غير مسبوقة.
بالإضافة إلى زعزعة استقرار ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فإن استقالة دراجي من شأنها أن تحرم الكتلة من أحد قادتها الأكثر حكمة وخبرة في وقت تشهد تحديات غير مسبوقة على رأسها التضخم وتداعيات العملية العسكرية الروسية.
وقالت ليا كوارتابيل، النائبة والمتحدثة باسم لجنة الشؤون الخارجية للحزب الديمقراطي، لصحيفة بوليتيكو إن أوروبا أصيبت “بقلق وصدمة لتخلي إيطاليا عن شخص بقدرات دراجي”.
عريضة الف رئيس بلدية
ووفقا للصحيفة يأمل الكثيرون في إيطاليا أن يغير رأيه. وقد وقع أكثر من ألف رئيس بلدية على خطاب مفتوح لدراجي خلال عطلة نهاية الأسبوع يطلبون منه البقاء. وقالت بيبي سالا، عمدة ميلانو، إن المواطنين العاديين لا يفهمون أسباب الأزمة وأن إيطاليا تخاطر بإهانة نفسها أمام العالم بأسره.
وبحسب التقرير فإن الخطر المباشر لانهيار الائتلاف الحكومي في إيطاليا يكمن في عدم تمرير قانون الميزانية لمساعدة الأفراد الأكثر فقرا لمواجهة أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة وإنهاء الإصلاحات اللازمة لتلقي أموال الاتحاد الأوروبي لمكافحة الأوبئة.
وقد أكد حلفاء إيطاليا في الخارج، مثل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على دور دراجي الحاسم في استقرار أوروبا والمساعدة في تأمين التضامن الغربي في دعم أوكرانيا.
ويرى التقرير أنه كلمة دراجي أمام مجلس الشيوخ غدا الأربعاء ستكون كلمة الفصل في بقائه أو رحيله، ففي حالة عدم حصوله على الدعم الكامل من اتئلافه الحاكم سيتوجه مباشرة لرؤية الرئيس وتأكيد استقالته. وفي حالة حصوله على الدعم فسيغير رأيه ويقرر الاستمرار في إدارة أزمة الطاقة وتكلفة المعيشة وإقرار قانون الميزانية حتى انتخابات العام المقبل.
ويرى التقرير أنه حتى لو بقي في منصبه، فإن الصعوبات التي يواجهها دراجي قد تكون في البداية فقط. فهناك خطر صراع مستمر على السلطة حيث يسعى شركاء التحالف إلى تأكيد هوياتهم في الفترة التي تسبق الانتخابات، المقرر إجراؤها عام 2023. وقد يواجه صعوبة في دفع الإصلاحات الرئيسية التي وعد بها.
وإذا استقال دراجي، يمكن للرئيس إجراء مشاورات مع الأحزاب السياسية لاستكشاف إمكانية العثور على أغلبية بديلة.
حركة الخمس نجوم
واحتدم الصراع بين دراجي وحركة الخمس نجوم على مدار الأسابيع الماضية، ولكنه تصاعد عندما أشار الحزب إلى أن نوابه داخل البرلمان لن يشاركوا في تصويت داخل مجلس الشيوخ للموافقة على حزمة دعم حكومي بقيمة 26 مليار يورو للشركات والأسر التي تضررت جراء الحرب في أوكرانيا.
وحتى وقت قريب، كانت حركة الخمس نجوم هي أكبر حزب في البرلمان الإيطالي، ولكن ذلك انتهى عندما ترك وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو الحزب الشهر الماضي، لتشكيل مجموعة أخرى، وأخذ معه عددا غير محدود من نواب الحركة .
وتعهد دي مايو، والذي كان في السابق زعيما للحركة الشعبوية، بأن يدعم دراجي وحث جميع الأحزاب السياسية على إظهار الرشد بالوقوف إلى جانب رئيس الوزراء المحاصر.
في اليوم التالي ٢٠ يوليو :
دعا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي، اليوم الأربعاء، إلى الوحدة في صفوف ائتلافه الواسع ثمنا لبقائه في منصبه، وذلك بعدما رفض الرئيس استقالته الأسبوع الماضي في أعقاب نزاع حكومي
وحدد دراجي سلسلة من المشكلات التي تواجه البلاد تتراوح من الحرب في أوكرانيا إلى عدم المساواة الاجتماعية وارتفاع الأسعار، وقال إن الأحزاب السياسية بحاجة إلى دعمه إذا واصل قيادة البلاد إلى انتخابات مقررة في النصف الأول من 2023
وتساءل دراجي في كلمة أمام الغرفة العليا في البرلمان هل الأحزاب وأنتم (البرلمانيين) على استعداد لإعادة بناء هذا الاتفاق؟ ، مضيفا أن هذا ما يطالب به الإيطاليون
وقدم دراجي استقالته الأسبوع الماضي بعدما رفضت حركة 5 نجوم دعم الائتلاف في تصويت برلماني على الثقة
ورفض الرئيس سيرجيو ماتاريلا استقالة دراجي وطلب منه العودة إلى البرلمان لمعرفة ما إذا كان بإمكانه إنعاش إدارته التي تعمل منذ 18 شهرا
الكلمة الأخيرة
ومن المقرر أن يناقش أعضاء مجلس الشيوخ كلمة دراجي لعدة ساعات، ومن المتوقع أن تصدر نتيجة التصويت عليها بحلول الساعة 7:30 مساء (17:30 بتوقيت جرينتش). ومن المنتظر أيضا إجراء نقاش حول مستقبل الحكومة في مجلس النواب غدا الخميس
وكان الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي يحظى بدعم كاف للبقاء في منصبة من دون حركة 5 نجوم، لكنه يرفض حتى الآن هذا الخيار لأن تفويضه الأصلي كان ينص على قيادة ائتلاف وحدة وطنية يتضمن أحزابا من كافة أرجاء الطيف السياسي
وفي تعقيد للجهود الرامية إلى تجاوز الانقسامات، قال حزب الرابطة اليميني وحلفاؤه من حزب فورزا إيطاليا (إيطاليا إلى الأمام) إنهم لا يريدون تقاسم السلطة مع حركة 5 نجوم بعد الآن
وإذا قرر دراجي أن الحكومة لم يعد بإمكانها مواصلة العمل، فمن المرجح أن يدعو الرئيس إلى إجراء انتخابات في سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول
ولم تشهد إيطاليا انتخابات في الخريف منذ الحرب العالمية الثانية لأن هذه الفترة تخصص عادة لوضع الموازنة
وأعلنت حزب “فورزا إيطاليا” (يمين وسط) و”الرابطة” (يسار متشدد) و”حركة خمس نجوم” الشعبوية مجلس الشيوخ، عدم نيتها التصويت، ما يعني وأد مساعي دراغي لحل أزمة سياسية يتوقع الآن بأن تؤدي إلى استقالته وإجراء انتخابات مبكرة.
وفي وقت سابق الأربعاء، أكد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي أنه مستعد للاستمرار في منصبه شرط أن تجتمع أحزاب ائتلافه الحكومي حول “ميثاق ثقة” بعدما باتت الحكومة مهددة جراء انسحاب حركة “خمس نجوم” الأسبوع الماضي.
وكان دراغي قد تولى رئاسة حكومة “وحدة وطنية” في مطلع العام 2021 مهمتها التصدي للجائحة والأزمة الاقتصادية التي نجمت عنها. لكنّه قدّم في 14 يوليو/تموز الجاري، استقالته لرئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا الذي سارع لرفضها.
حكومة الوحدة الوطنية
واعتبر دراغي أن حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها وتضم أطيافا تراوح من اليسار وصولا إلى اليمين المتطرف، لم تعد شرعية بعد مقاطعة حركة خمس نجوم التي تشهد خلافات في صفوفها وتدهورا في شعبيتها، في اليوم نفسه تصويتا على الثقة في مجلس الشيوخ.
وكان خطاب دراغي أمام مجلس الشيوخ الأربعاء مرتقبا بشدة، وسط تخوّف من أن يصر على استقالته، لكنّه أشار إلى أنه سيبقى في المنصب شرط توحيد صفوف ائتلافه بما يتيح تجنّب انتخابات مبكرة.
وأكد دراغي في خطابه أمام مجلس الشيوخ أن “الحل الوحيد، إذا كنا لا نزال نريد البقاء معا، يكمن في إعادة بناء هذا الميثاق من أساساته، بشجاعة وتفان ومصداقية”، مضيفا “هذا ما يطالب به الإيطاليون”.
ودراغي حاكم سابق للمصرف المركزي الأوروبي، وتظهر الاستطلاعات أن ثلثي الإيطاليين يتمنّنون أن يبقى “سوبر ماريو” على رأس الحكومة.
من جهة أخرى، أبدى دراغي انفتاحا على حركة “خمس نجوم” التي تدافع بشراسة عن مدخول الحد الأدنى المعمم الذي يريد اليمين إلغاءه، معتبرا أنه “مهم للحد من الفقر” و”يمكن تحسينه”. كذلك تطرّق إلى تدبير آخر تعتبره الحركة أساسيا وهو الحد الأدنى للأجور قائلا “علينا المضي قدما في هذا الاتجاه”.
وشدد دراغي على أن “إيطاليا قوية بوحدتها”، مضيفا أن التحديات المحلية من إنعاش اقتصادي ومكافحة التضخم وإيجاد وظائف، والخارجية من تحقيق الاستقلالية على صعيد الطاقة والحرب في أوكرانيا، التي تواجهها إيطاليا والاتحاد الأوروبي “تتطلب حكومة تكون حقا قوية ومتضامنة وبرلمانا يواكبها عن قناعة”.
وبدا المصرفي البالغ 74 عاما والذي لم يتولَّ سابق اي منصب سياسي، حازما مع الأحزاب السياسية بقوله “إيطاليا ليست بحاجة إلى ثقة صورية تختفي أمام تدابير صعبة يتعيّن اتّخاذها”.
ووجّه سؤالا مباشرا إلى الأحزاب والبرلمانيين قائلا “هل أنتم مستعدون لإعادة بناء هذا الميثاق؟ هل أنتم مستعدون للتأكيد على هذا الجهد الذي بذلتموه في الأشهر الأولى والذي ضعف لاحقا؟”.
العصا والجزرة
واعتبر فرانشيسكو غالييتي مؤسس مركز الأبحاث “بوليسي سونار” في تصريح لوكالة فرانس برس أن “دراغي كان قاسيا جدا لكنّه اعتمد نوعا ما سياسة العصا والجزرة”، مضيفا “أراد دراغي سحب البساط من تحت حركة خمس نجوم”.
وكما كان متوقعا سارع الوسط واليسار إلى دعم دراغي. وجاء في تغريدة أطلقها زعيم الحزب الديموقراطي (يسار) إنريكو ليتا “إذا كنا مقتنعين في الأيام الأخيرة بتحديد الثقة بحكومة دراغي، بتنا أكثر قناعة بعدما استمعنا له”.
وقال زعيم الفصيل الوسطي “إيطاليا فيفا” رئيس الوزراء الأسبق ماتيو رينزي “لقد استمعت، سنصوت لصالح منح الثقة”.
وأيا تكن النتائج، تعتبر وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن الأوضاع تعكس “ضبابية سياسية كبرى حتى وإن تم تجنيب البلاد انتخابات مبكرة”، ما يزيد من صعوبة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمالية.
وتحضّ بروكسل وشركاؤها الأوروبيون دراغي، الذي يشكل ضمانة للاستقرار، على البقاء في منصبه. ودافع عنه رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز في مقالة في صحيفة بوليتيكو بعنوان “أوروبا بحاجة إلى قادة على غرار ماريو دراغي”.
وتترقب الأسواق الأوضاع عن كثب، فمجرد احتمال تنحي رئيس الحكومة أجج المخاوف من ارتفاع كلفة الديون الإيطالية ما من شأنه أن تكون له تداعيات خطيرة على منطقة اليورو.