د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف: مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح .. رسالة عملية تؤكد أن مصر بلد التسامح والتعايش واجبنا أن نحمي معًا مساجدنا وكنائسنا لنحمي وطننا “من مات منَّا دفاعًا عن الكنيسة كمن مات دفاعًا عن المسجد لأنه دفاع عن الوطن” القوات المسلحة والشرطة تقدم النموذج الأعلى في حب الوطن وحمايته أكثر الدول أمنًا ورخاءً هي التي تقوم على ترسيخ فكر التعايش بين أبنائها تجديد الخطاب الديني يستهدف استرداده والعودة به إلى صفاءه ونقاوته الأصلية “نحن جميعًا مصريون بلا تفرقة .. والوطن لنا جميعًا وبنا جميعًا”
أجرى الحوار: سامح محروس
هو واحد من أبرز المسئولين المهتمين بقضية تطوير وتجديد الخطاب الديني، يسعى لنفض الغبار الذي تراكم على الفكر، يصحح الأفهام الخاطئة ويعمل على إعادة الفهم الصحيح للنص في ضوء متطلبات العصر والعودة به إلى صفائه ونقاوته الأولى، ويؤكد أن ما تشهده مصر حاليًا من روح تسامح حقيقية يعد أكبر وأقوى رد على أفكار المتشددين والمتطرفين التي لا علاقة لها بجوهر الدين. إنه الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الذى يجسد بالسلوك العملي والدليل والبرهان العقلي قيمًا كثيرة سامية ما أحوج المجتمع لها وهو يعيش مرحلة بناء غير مسبوقة تستلزم تطويرًا مماثلًا للفكر الديني ليتواكب مع مرحلة التنمية والعمران التي يمتد أثرها إلى كل ربوع الوطن.
وتحظى قضية المواطنة باهتمام كبير في أولويات عمل وزارة الأوقاف وفكر الدكتور محمد مختار جمعة، وفى هذا الإطار صدر كتابان يعتبران بمثابة وثيقة حقيقية تؤكد الأخوة الإنسانية على أرض مصر، وهما كتاب: “حماية الكنائس في الإسلام” والذى صدر بمشاركة الدكتور شوقي علام مفتى الديار المصرية، أما الكتاب الثاني فهو: “التسامح منهج حياة”. وكلا الكتابين هما وثيقة مرصعة بلآلئ الفكر المستنير الذى يعد هو الأصل، والحجة والمرجعية التي نرتكز إليها.
“الجمهورية” حاولت الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والتفاصيل في السطور التالية.. • في البداية سألت الدكتور جمعة: كيف ترى المشوار الذى قطعته الدولة في مهمة تجديد الخطاب الديني، وبأي قدر تحقق الهدف من هذا التجديد؟
– قال الوزير: الهدف من تجديد الخطاب الديني هو العودة به إلى صفائه ونقاوته وسماحته، واسترداده ممن حاولوا اختطافه وتوظيفه لمصالحهم، والتأكيد على المشترك الإنساني والأبعاد الإنسانية المشتركة التي تجمع بين الأديان السماوية، من خلال التأكيد على القيم وتعزيز الأخلاق ودعم حقوق كل فئات المجتمع، وهذه القيم نحن نعمل على دعمها وفق قيم ثابتة ومنهج عمل واضح وليس بشكل عفوي أو حديث. فنحن نعمل وفق خطة منهجية شاملة نتناول فيها كل قضايا المجتمع.
– وأضاف الوزير: ويعود الفضل في جهود تجديد الخطاب الديني إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي الذى أطلق هذه الدعوة، ووجه برعاية جميع دور العبادة، وبدأنا نسمع هذا المصطلح الجديد. وعندما وجه الرئيس ببناء كاتدرائية “ميلاد المسيح” ومسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإداريةالجديدة كان ذلك رسالة عملية تقدمها الدولة بتطويرالخطاب الدينيفي مصر، والعودة بها إلى بلد التسامح الديني والتعايش. ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد، بل شرعت الدولة في خطة إعمار شاملة وواسعة للمساجد والكنائس، وهذه الجهود كلها تشهد بمدى التسامح الديني الذى نعيشه في مصر الجديدة، وقد أصدرت كتابًا عنوانه: “حماية الكنائس في الإسلام” بمشاركة الدكتور شوقي علام مفتى الجمهورية، ونؤكد حق الجميع في إقامة شعائر دينه، وأن ديننا هو دين العمران، ولاشك أن هذا الفكر يقضى على التشدد والتطرف.
• قلت مقاطعًا: ويرتبط بما سبق .. ما تقييمك للحالة الدينية في مصر حاليًا؟ – قال الدكتور محمد مختار جمعة: كنت أتحدث مع مجموعة من الزملاء والأبناء، ولفت نظري أننا نتكلم عن مصطلح جديد يعود بقوة في الخطاب الرسمي للدولة وتم ترسيخه وهو كلمة “المصري”، لقد أصبح مصطلح “مصري” هو الأكثر استخدامًا في الحديث عن المصريين جميعًا بغض النظر عن دينهم. إن المعتقد هو أمر بين الناس وخالقهم، ونحن كمواطنين نعيش في بلد تسوده روح التسامح والمودة، والمهم هو التأكيد على حرية إقامة الشعائر إلى جوار حرية المعتقد، وليس من المنطق أن أقول لك: لك أن تعتقد ما تشاء، وليس لك أن تؤدى شعائر دينك أو لا تمكن منها. وهذا هو ما يؤكد عليه الدستور المصري، حيث أصبح الحديث لا يقتصر على حرية المعتقد، إنما يتجاوزه إلى حرية إقامة الشعائر، وهو ما حرصت الجمهورية الجديدة على تحقيقه واقعًا ملموسًا وتطبيقيًا على أرض الواقع.
• لك مقولة شهيرة تؤكد فيها أن حماية الكنيسة مثل حماية المسجد تمامًا، نريد أن نعرف المزيد عن هذه الفكرة؟ – قال الوزير: نعم لقد ذكر كثير من العلماء أنه: إذا دخل العدو بلدًا من بلادنا وحاول أن يعتدى على الكنائس، وجب علينا أن ندافع عن هذه الكنائس كما ندافع عن المساجد، ومن مات منا في الدفاع عن الكنيسة كمن مات في الدفاع عن المسجد، لأن المستهدف هو الوطن ونحن ندافع عن وطننا، ولأن الأصل في الحماية أن نحمى بعضنا بعضًا، نحمى كنائسهم ويحمون مساجدنا، وعندما نفعل ذلك فإننا نحمى وطننا معًا. التسامح منهج حياة، نحن في حاجة إلى التسامح الديني، والتسامح الوطني، والتسامح العائلي، والتسامح الإنساني. التسامح ممنهجة حياة. “رحم الله امرأ سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى”.
وأضاف الوزير: هدفنا أن نرسخ لمنهج التسامح منهج حياة، لنقضي بهذا التسامح الإنساني والتسامح الوطني والتسامح الديني وترسيخ التسامح، لنقضي به على كل أنواع العنف والتشدد. الأديان قائمة على الرحمة، وقائمة على التسامح، “وما جعل الله عليكم في الدين من حرج، يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر، بشروا ولا تنفروا”. التسامح منهج حياة، وهذا ما نريد أن نرسخه بيننا كمصريين جميعًا، وأن هذا يؤكد أن مصر بكل أبنائها يد واحدة، نحمى مساجدنا معًا، ونحمى كنائسنا معًا، ونحمى وطننا معًا.
واستطرد قائلًا: لقد شاهدنا ما تقوم به قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الوطنية المصرية، تمتزج دماء هذا بذاك، والجميع يتكاتف في حب الوطن والدفاع عن الوطن، وبهذا تقوم الأوطان. ومن التجارب العالمية أن كل الأوطان التي قامت على ترسيخ فكر التعايش بين أبنائها على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم وعاداتهم هي أكثر الدول أمنًا واستقرارًا ورخاءً وتقدمًا، وأن الدول التي وقعت فيآتون الفوضى والاقتتال العرقي أو الديني أو المذهبي أو القبلي دخلت في أتون فوضى لم تخرج منها. نسأل الله لمصرنا العزيزة كل السلام.
الجمهورية الجديدة تعنى أن نعمل معًاـ ودائمًا نقول “عموم الفهم وخصوص التكاليف”، وهذا يعنى الثقافة، عموم الفهم تعنى أن نجتهد جميعًا فيما اتفقنا حوله سواء في مجال البيئة أو الاقتصاد أو الإعلام أو السياسة حتى لو كان فهمًا عامًا، وأن نحشد من طاقات كبيرة وإمكانات عقلية لنرسخ لقضية عموم الفهم وخصوص التكاليف.
• وما رؤية وزارة الأوقاف لنشر الفكر الوسطى لمواجهة التطرف والإرهاب؟ – قال الدكتور محمد مختار جمعة: السبب الرئيسيفي التطرف والإرهاب الذى تعانى منه كثير من المجتمعات يكمن في ضيق الأفق الثقافي أو محدوديته وعدم الإلمام بطبيعة العصر وتحدياته. ونحن في الوزارة حريصون ألا تقف ثقافة الإمام عند حدود الثقافة الدينية البحتة، وإنما تتسع للإلمام بعلم النفس والاجتماع والحضارة والتاريخ والآثار واللغات الأجنبية والاستراتيجية وتحديات الأمن القومي، ولذلك نحرص على ألا تقتصر ثقافته على الأبعاد الدينية البحتة، بل تشتمل الأبعاد الثقافية، ونعقد الدورات المتخصصة ومنها 4 دورات، ويجرى الإعداد للدورة الخامسة بالتعاون مع أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، ومع غيرها من الجهات المتخصصة في فهم طبيعة العصر، لأن أكثر ما عانت منه المجتمعات هو الانغلاق وضيق الأفق وعدم الإلمام بواقع العصر ومتطلباته.