قال عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” إنّ العالم واجه تحديات متعددة الأوجه في السنوات الأخيرة، كان لها عواقب وخيمة على الأمن الغذائي في مناطق عدة ومنها المنطقة العربية.
وتابع الواعر في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية” أنّ: “بدأنا استشعار التأثير الحقيقي لأزمة كوفيد-19 والتي ترافقت بتباطؤ اقتصادي عالمي، مما يؤثر سلباً على وصول الملايين من السكان إلى الغذاء”.
وأوضح قائلا:”كما تفاقم هذا الوضع بسبب الأزمة الأوكرانية، وضعف الإمدادات الغذائية، حيث تساهم أوكرانيا وروسيا بحوالي ثلث إجمالي صادرات الحبوب في الأسواق العالمية، علاوة على ذلك، كان إنتاج المحاصيل الرئيسية قريباً من مستويات الركود بسبب العديد من العوامل، ليرتفع مع ذلك أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، مما أثّر بشكل خطير على شرائح المجتمع ذات الدخل المنخفض”.
وأردف: “ستتأثر الركيزتان الأوليتان للأمن الغذائي، وهما توفر الغذاء وإمكانية الحصول عليه، بشكل خطير في عام 2022، مع ما يترتب على ذلك من تأثير على الركيزتين الأخيرتين وهما الاستخدام والاستقرار، وكل تلك الأسباب جعلت 2022 الأكثر قسوة”.
حول الأزمات التي تتعرض لها المنطقة العربية الخاصة بنقص السلع الأساسية وعدم الاستقرار الاقتصادي، أكد المسؤول الأممي على عدد من الإحصاءات:
الجوع في المنطقة العربية آخذ في الازدياد، فوفقاً لتقديرات عام 2021، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية في المنطقة 54,3 مليون نسمة، أو 12.2 في المائة من السكان، ويشكل هذا زيادة ثابتة على مدى العقدين الماضيين، اقتربت من الذروة في عام 2011، عندما عانت المنطقة صدمة كبيرة نتيجة الثورات والانتفاضات الشعبية”.
واصل انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الحاد اتجاهه التصاعدي، مؤثر اعلى ما يقدر بنحو 154,3 مليون شخص في عام 2021، بزيادة بلغت 11,6 مليون شخص مقارنة بالعام السابق.
ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل مطرد منذ عام 2014، وفي عام 2021، عانى ما يقدر بنحو 34.7 في المائة من سكان المنطقة من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الحاد وكانوا محرومين من الوصول المنتظم إلى الغذاء والتغذية الكافيين.
يقدر عدد الأشخاص الذين تعرضوا لانعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2021 بنحو 53.9 مليون شخص، بزيادة قدرها 5 ملايين عن العام السابق.
بحسب الواعر فقد “اقترنت كل تلك الأرقام بحالة من التباطؤ الاقتصادي وزيادة في ضغوط التضخم وتقليص الحيز المالي في معظم البلدان العربية، كما أن المنطقة العربية تعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية متطلبات الأمن الغذائي، وقد أدى الضغط الأخير على سلسلة التوريد، والذي يرجع بشكل أساسي إلى الأزمة الأوكرانية، إلى حالة من التوتر والضبابية في البلدان العربية” حسبما يؤكد “الواعر”.
ونوّه: “هناك توجه نحو تدابير التخفيف مثل تعزيز الإنتاج المحلي، وتوسيع قدرة التخزين، وزيادة مصادر التوريد البديلة، ومع ذلك، لن يكون لهذه التدابير سوى تأثير ضئيل على المدى القصير”.
وفيما يخص أزمة “صناعة الأسمدة” خاصة وأن روسيا تنتج وحدها ما بين 30-50 في المائة منها، أكد الممثل الإقليمي لـ “الفاو”: “غالباً ما يساء تقدير تأثير أسعار الأسمدة وأزمة الإمدادات بسبب تركيز الاهتمام على القمح والحبوب، لقد شهدت أسعار الأسمدة عدة ارتفاعات خلال السنوات الماضية بسبب مشاكل الإمداد في البحر الأسود، وربما لم يتم بعد تقييم التأثير الحقيقي لأزمة الأسمدة، لأن نقص إمدادات الغاز إلى أوروبا سيطلق موجة أخرى من نقص إمدادات الأسمدة وارتفاع الأسعار”.
وأكمل: “ونظراً إلى أن الأسمدة هي من أهم مدخلات الإنتاج الزرعي، فمن المؤكد أنه سيكون لها تأثير على البلدان العربية، لا سيما المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، وفي حين أن مصر وبلدان أخرى في معزل عن هذا النقص (بسبب الإنتاج المحلي)، إلا أن المنطقة لا تزال تواجه خطراً كبيراً يتمثل في خسارة الإنتاج بسبب تلك الأزمة”.
وفي حواره مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أشار المسئول الأممي إلى أنّ: “أزمة تعطل سلاسل الإمدادات بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية من الصعب إدارتها على المدى القصير، لأن ثُلث الصادرات العالمية من الحبوب تأتي من روسيا وأوكرانيا”.
وأضاف: “رغم أن الاتفاق الذي توسطت به الأمم المتحدة وتركيا مؤخراً يبعث على الارتياح، إلا أنه غير ثابت، وسيؤدي الانخفاض المتوقع (حوالى 50 في المائة بحسب بعض التقديرات) في إنتاج الحبوب للموسم المقبل في أوكرانيا، إلى جانب الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والظواهر الجوية المتطرفة في مختلف أنحاء العالم، إلى الإبقاء على سلاسل الإمداد والأسواق في وضع حرج لبعض الوقت مستقبلاً”.
وعن البلدان الأكثر تضرراً بأزمة كوفيد-19 ومن بعدها الحرب الروسية-الأوكرانية، استطرد: “جميع البلدان العربية تقريباً تأثرت بشكل أو بآخر بهاتين الأزمتين، بما في ذلك البلدان ذات الدخل المرتفع والتي قد تأثرت كذلك بسبب ارتفاع الأسعار ومشاكل سلاسل الإمداد، إلا أنه ووسط التحديات التي يشهدها العالم حالياً، مثل التغير المناخي، والنزاعات، كان التأثير واضحا على كل من لبنان واليمن والعراق في منطقتنا”.
ولدى منظمة الأغذية والزراعة خطة لمساعدة البلدان المتضررة، حسب حديث “الواعر” قائلًا: “نقف مع البلدان الأعضاء في المنطقة أثناء مرورها بهذه الأوقات الصعبة، وقد كثفنا جهودنا لدعم هذه البلدان في إدارة الأزمة”.
ومن بين الخطوات التي تم اتخاذها لمساعدة البلدان المتضررة:
• مساعدة البلدان على تحويل النظم الزراعية والغذائية لديها لجعلها أكثر كفاءة وشمولية واستدامة وقدرة على الصمود.
• اقتراح حلولا فورية مثل تسهيلات تمويل الواردات الغذائية.
• بالنسبة لمنطقتنا، فقد وضعنا نهجاً جديداً لدعم البلدان على مستوى الاستراتيجية والسياسات، إضافة إلى البرامج والتدخلات الهادفة إلى تصميم وتطبيق نُهج وحلول استراتيجية مستدامة.
• بناء القدرات القيادية والتحليلية وقدرات صنع القرار للبلدان الأعضاء لإمدادها بالأدوات مثل البيانات والتنبؤات والمهارات لوضع السياسات الاستباقية وتنفيذها.