تراجعت أسعار العقار في كل من السويد وألمانيا ونيوزلندا والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة الأميركية، لتسجل بذلك «نقطة تحوّل» في القطاع وفق صندوق النقد الدولي، لكن تقريراً نشرته صحيفة لوفيجارو الفرنسية استبعد انهيار الأسعار بشكل واسع النطاق.
استمرت أسعار العقار في الارتفاع من لندن إلى سان فرانسيسكو مروراً بباريس منذ بداية انتشار كوفيد-19، لكن هذه الفقاعة العقارية في طور الانكماش تحت تأثير ارتفاع أسعار الفائدة، مما يبطئ عدد المعاملات ويعوق الزبائن، ويؤثر في النهاية على الأسعار.
وحذر صندوق النقد الدولي من «نقطة تحول»، لكن رغم استبعاد تكرار الانهيار الذي وقع في 2008، فإن انخفاض أسعار العقارات سيحد من النمو الاقتصادي في عدة دول.
ففي السويد فاجأ الوضع الاقتصادي وارتفاع الطاقة، المواطنين الذين أصبحوا يتجنبون المساكن الفردية التي تصعب تدفئتها مع بداية فصل الشتاء بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، والنتيجة هي أن أسعار العقارات انخفضت بنسبة %14 في الدولة مقارنة بمستواها في بداية العام، والانخفاض مستمر منذ سبعة شهور.
أما في المملكة المتحدة، فقد كان لـ «الميزانية المصغرة» الكارثية لرئيسة الوزراء السابقة ليز تروس في نهاية سبتمبر آثار دائمة على أسعار الفائدة على الرهن العقاري، إذ تجاوزت %6 قبل أن تتراجع إلى حوالي %5، مما أدى إلى انخفاض الطلب بنسبة %44 والمبيعات بنسبة %28، فيما تراجعت الأسعار للشهر الثالث على التوالي، وتتوقع الحكومة أن تنخفض بنسبة %9 بحلول العام المقبل.
ولكن هل توجد مؤشرات لانهيار واسع النطاق للأسعار؟ يشير الخبراء العقاريون الى أن الحديث عن ركود اقتصادي في الأفق انعكس على سوق العقار العالمي. فمنذ الوباء قفزت الأسعار بنسبة تصل إلى %20 مدعومة بأسعار الفائدة المنخفضة وتدفق السيولة وارتفاع حجم المدخرات والانتعاش القوي للنشاط الاقتصادي، لكن الاجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية حول العالم للحد من التضخم مؤشر على نهاية هذا الازدهار.
انفجار الفقاعة الصينية
في تقرير الاستقرار المالي لشهر أكتوبر، أشار صندوق النقد الدولي إلى «نقطة تحوّل» بالنسبة للعقارات العالمية. وفي سيناريو أسود، يمكن أن يترجم هذا بانخفاض في الأسعار بنسبة %25 في الأسواق الناشئة وأكثر من %10 في البلدان المتقدمة.
وقد حصل ذلك فعلاً، ففي الصين التي تشهد انفجار فقاعة العقارات، انخفضت المبيعات بنسبة %43 هذا العام، كما انخفضت أيضاً في السويد وألمانيا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا وتراجعت في 9 من بين الاقتصاديات الرئيسية المتقدمة وفق تحليل مكتب «أكسفورد إيكونوميكس»، علاوة على الولايات المتحدة الاميركية والمملكة المتحدة اللتين اتبعتا الحركة أيضاً.
ويقول آدم سالتر الخبير في «أكسفورد إيكونوميكس»: «بشكل عام، هذه هي التوقعات الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لسوق العقار منذ 2007ـــ2008 ويمكن أن تتوقع بعض البلدان انخفاضات متوسطة، بينما تواجه دول أخرى انخفاضاً أكثر حدة، في نطاق يتراوح من %15 إلى %20».
والتوجه ليس واحداً، حتى على الصعيد الوطني، إذ تشير كيت أيفرتالن المسؤولة في شركة الاستشارات العقارية «نايت فرانك» إلى أن بعض المدن شهدت انخفاضاً كبيراً في الأسعار مقارنة بالذروة التي حققتها في 2021، بينما تشهد مدن أخرى ارتفاعاً متوسطاً، ومن بين المدن الأكثر تضرراً نجد كلا من أوكلاند ويلينغتون في نيوزلندا وسدني وملبورن في أستراليا وتورونتو في كندا وسانتياغو في تشيلي.
وتتوقع إيفرتالن انخفاض الأسعار خلال الفترة المقبلة في معظم الأسواق، مشيرة إلى أن السؤال المثير الآن هو ما هو حجم ارتداد السوق.
تصحيح حاد
وفق حسابات «أكسفورد إيكونوميكس» فإن انخفاضاً عاماً في أسعار العقار بنسبة %10 في 2023 سيؤدي إلى خفض الناتج الاجمالي المحلي العالمي بـ %0.2 إلى %0.6، لكن معظم الاقتصاديين يستبعدون في الوقت الراهن وقوع أزمة تشبه أزمة 2008.
ويعد سوق العقارات أحد المؤشرات التي تدل على صحة الاقتصاد، وتوضح الخبيرة الاقتصادية فيرونيك ريتشيس فلوريس أن تراجع قطاع العقارات، يتبعه دوماً ركود. مضيفة «تنفق الأسر الأميركية الآن حوالي 3 آلاف دولار شهرياً في المتوسط على الإسكان مقارنة بـ 1500 دولار على مدى السنوات العشر الماضية، بينما تخصص أموالاً أقل للمنتجات الاستهلاكية والترفيه، هذا هو التأثير الميكانيكي لارتفاع الأسعار الذي يهتم به الاحتياطي الفدرالي لتهدئة السوق والحد من التضخم».
وأظهرت دراسة أجرتها Global Sovereign Advisory أن البلدان التي ارتفعت فيها الأسعار بشكل أكبر مقارنة بالدخل وحيث الدين أعلى، فهي الأكثر عرضة لتصحيح حاد وهي هولندا والبرتغال والسويد وكندا وأستراليا.
التراجع يُصيب بلدان العالم
1 – أستراليا: 6.5 % انخفاض سعر العقار منذ بداية العام وتجاوز 10 % في سدني.
2 – المملكة المتحدة: تراجعت أسعار العقار بنسبة %4.4 حتى نوفمبر الماضي.
3 – فرنسا: بلغت نسبة تراجع أسعار العقارات %2.5 في باريس خلال العامين الماضيين.
4 – السويد: تقلص أسعار العقار بنسبة 14 % منذ بداية العام الجاري.
5 – سان فرانسيسكو: بلغت نسبة تراجع الأسعار 7 % خلال العام الجاري.
ارتفاع معدلات الرهن العقاري
وفق البنك المركزي الأوروبي، سيؤدي ارتفاع معدلات الرهن العقاري بنسبة %1 إلى انخفاض الأسعار بنسبة %5 بعد ذلك بعامين. وتقول فيكي ريدوود، من كابيتال إيكونوميكس «سواء اعترفت البنوك المركزية بذلك علناً أم لا، فإنها لن تقبل بوضوح أن يكون الركود وأزمة عقارية هما الثمن الذي يجب دفعه لاستعادة السيطرة على تضخم أسعار الاستهلاك».