ننتظرها من العام إلى العام.. حفلات التخرج من الأكاديميات العسكرية والشرطية، غبطة وسرور تعبق الأجواء بعطر فواح، طقس مصرى دافئ ينعش النفوس، يشيع الأمل في المستقبل.
تخريج أجيال شابة، كلها فتوة ووطنية وولاء وانتماء، تخريج جيل من بطن أمة عظيمة ليحمل الراية خفاقة، جيل تَرَبَّى في أرقى المدارس الوطنية، مصانع الرجال، أكاديمية «خير أجناد الأرض».
جيل ورا جيل يتسابقون في سبيل المجد، مجد أمة عظيمة، أجيال تَرَبّت على الفداء، وجُبِلت على تشوُّف النصر، وتَتُوق حبًّا إلى الشهادة.. وصوت طيب الذكر «محمد نوح» متوهجًا بالفخار: «إن كان في أرضك مات شهيد في ألف غيره بيتولد.. ومدد مدد مدد مدد.. شدى حيلك يا بلد».
توالِى حفلات التخريج (شرطة وجيش) في شهر النصر، «أكتوبر المجيد»، وفى اليوبيل الذهبى للعبور العظيم، فأل حسن، يهبنا أملًا، نبصر الطريق ممهدًا، وكما وُلد النصر العظيم من رحم المعاناة، حفلات التخريج تترجم ولادة جيل، يتسلم الراية لتظل خفاقة.
الحكمة في حفلات التخريج تقول، مصر ولادة، جيل يسلم جيلًا، مؤتمنون يسلمون مؤتمنين، إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ، والوطن أمانة، والقَسَم عهد وميثاق غليظ، حفلات التخرج تجدد القَسَم، كتجديد الوضوء.. طهارة، دفعات من السُّمْر الشُّدَاد تجدد العهد، وتُغلظ القَسَم، قَسَم غليظ، عندما يُقسم خير أجناد الأرض، فإنه قَسَم لو تعلمون عظيم.
قَسَم يزلزل الجبال، قَسَم تهتف به حناجر خريجى الكليات العسكرية والشرطية في موعد معلوم من كل عام، في حفل التخريج الذي يتحرق إليه شوقًا شباب نذروا حيواتهم فداء للوطن.
شهدنا صورة بهية منه، مساء الخميس، في الكلية الحربية، وقبلها بأيام في كلية الشرطة، بحضور الرئيس وأركان الدولة المصرية وقياداتها السياسية والعسكرية والروحية، وكلمات الرئيس ووصاياه للخريجين.
الحفلات العسكرية تحمل البُشْرَيَات مرصعة نجومًا على أكتاف جيل جديد، حفلات التخريج السنوية، طقس مصرى حميد، منعشة هذه الأجواء الشبابية الحماسية، أيام فاخرة من أيام مصر الطيبة، التخرج في الكليات العسكرية والشرطية بجدارة رصيد إضافى لمنعة الوطن الغالى.
فيها حاجة حلوة، في حفلات التخرج، الشباب يرسمون لوحات وطنية رائعة بالعرق والجهد والإخلاص، وشباب زى الورد المفتح يؤدّون القَسَم أمام الرئيس، عهد وفاء، وفرحة ما بعدها فرحة تعم عائلات الخريجين
زغرودة حلوة رنّت في بيتنا، بطعم السكر المكرر من الأمهات اللاتى أحسَنَّ التربية، في المحروسة وفى قعور البيوت يربون أسودًا تزأر تحمى العرين.
جد تحس أن مصر كلها فرحانة بشبابها، مصر الحلوة مرسومة في عيون أم تنط منها الفرحة، ما شاء الله تعبت وسهرت وربّت وكبرت وقدمت للوطن بطلًا والنجمة الذهبية تبرق على أكتافه.. وأنا «أم البطل».. وإن كتب الله عليه الشهادة تهتف أنا «أم الشهيد»، وتزفه إلى السماء عريسًا بجناحات بيضاء.
الاحتفاء والحفاوة بيوم التخرج من أيام الفخار الوطنية، يرسمونه القادة والصف والجنود في كليات القمة العسكرية والشرطية بأناة وصبر كلوحة فنية في برواز قشيب، ويتطلعون إلى هذا اليوم من كل عام، ليزفوا شبابهم إلى الشعب، أقرب لحفل زفاف جماعى بهيج والعروس حلوة الحلوين.. الجميلة مصر.