حسن عامر
هذا ليس رأي كل الخبراء والمثقفون الأمريكا . ولكنه رأي الأحرار والمستقلون منهم ، والأكثر بعدا عن المؤسسات والدولة والشركات متعددة الجنسية ..
تعرض صندوق النقد الدولى لبعض الانتقادات من الكتاب والمراقبين الاقتصاديين ومنهم عالم الاقتصاد ميشيل تشوسودوفيسكي، الذي أكد أن برنامج صندوق النقد الدولي قد يترك البلد في بعض الأحيان فقيراً كما كانَ من قبل، لكن مع مديونية أكبر وصفوة حاكمة أكثر ثراءً.
وانتقد الاقتصادي الأمريكي جوزيف ستيغليتز، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي الحائز على جائزة نوبلوأحد أهم مساعدي الرئيس الأسبق بيل كلينتون، صندوق النقد الدولي في أحد أبحاثه مؤكداً أن القروض التي تقدم من الصندوق إلى الدول تكون ضارة في حالات كثيرة خاصة التي توجه إلى الدول النامية ودول العالم الثالث.
ومن ضمن الانتقادات الموجهة أيضاً للصندوق سطوة الولايات المتحدة الأمريكية على البنك وتحكمها وقدرتها على إعطاء القرض من عدمه لأي دولة، حيث أنها الدولة الوحيدة التي تمتلك حق الفيتو من بين الدول الأعضاء.
ومن الانتقادات الأخرى أن صندوق النقد يتبنى سياسات رأسمالية تساعد على السوق الحر، فهو يرفض أية قيود من الدول المقترضة على النقد الأجنبي، وضد الرقابة على الصرف، وضد أي تدخل من الحكومات على السياسات النقدية، ويشجع أيضاً بشكل مباشر القطاع الخاص واقتصاد السوق الحر، حيث يعطي نفس التوصيات والنصائح لكل الدول، مما لا يعطي أية مساحات للدول التي قد يكون وضعها الاقتصادي والاجتماعي مختلفاً إلى حد كبير مع نظيرتها من الدول المقترضة الأخرى.
ورغم أنّ صندوق النقد الدولي التابع للأمم المتحدة، دوره دعم الاقتصاد العالمي، والمعاملات التجارية بين البلاد المختلفة، فإنّه عادة ما يتم اتهامه بكونه أحد أدوات الشركات العالمية لبناء إمبراطورية تسيطر على اقتصاد العالم، وتهزم الدول، «ونهب وتدمير اقتصاد الدول النامية»، وفقاً لـ«جون بيركنز»، مؤلف كتاب «اعترافات قاتل اقتصادي» الذي ترجم إلى ثلاثين لغة بما فيها اللغة العربية التي صدر فيها تحت عنوان: «الاغتيال الاقتصادي للأمم».
ويوضح بيركنز أنه «على الدول التي توافق على شروط صندوق النقد أن تقبل مجموعة مفاهيم جديدة: تحرير التجارة، حقوق المستهلك، الخصخصة الكاملة للصحة والتعليم والمياه والكهرباء».
ويقول: هناك طريقتان لاحتلال أو تفتيت أي بلد تريد أمريكا السيطرة عليه وعلى ثرواته: الأولى بالقوة أي باحتلاله، والثانية: بقتله اقتصادياً، أي بالخصخصة، وإغراقه بالديون، وبخضوعه للبنك الدولي، ويسيل اللعاب الأمريكي لاستيلاء على النفط أينما وجد، والجلوس على آباره لنهبها، إما برشوة أصحابه، أو بتخويفهم بإبعادهم عن كراسيهم، إذا ما حاولوا تأميمه، أو إبعاد أمريكا عن منابعه.
وقد وصفت المسؤولة السابقة في برنامج الأمم المتحدة للتنمية «إيزابيل غرامبرغ» السياسات التي يفرضها الصندوق على الدول الأعضاء لا سيما النامية منها، والتي تؤدي في أكثر الأحيان إلى ارتفاع لمعدل البطالة، وانخفاض في القدرة الشرائية، وتبعية خاصة غذائية، ويضاف إليها تفكك للأنظمة الإنتاجية في العديد من الدول،
وصفت هذه الأمور بالجريمة، معتبرة أن صندوق النقد الدولي ليس مشاركاً بها فقط، بل إنه المايسترو الذي يدير نظاماً شاملاً يسحب الأموال من الفقراء ليمول إنفاق أقلية غنية من الناس، والنتيجة هي انخفاض الدخل الوطني في البلدان النامية إلى حده الأدنى جراء تطبيق سياسات الصندوق، بالمقابل يزداد الدخل الوطني في البلدان الصناعية إلى حده الأقصى.
كما أكد الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط في جامعة الفيوم، ورئيس الاتحاد المصري لسياسات التنمية، أنه، على مدار 90 سنة من وجود الصندوق، ما من دولة حصلت على قرض منه وحققت عائداً تنموياً ملموساً. وأشار إلى أن كل الدول التي حصلت على قروض من الصندوق لا تستطيع تحقيق نهضة اقتصادية أو تنموية، فالقرض يدمر الاقتصاد، ويؤدي إلى تآكل الطبقة الوسطى لتهبط إلى طبقة الفقراء، وتتقلص طبقة الأغنياء.
ويقول الخبير الألماني أرنست فولف – أستاذ الفلسفة في جامعة بريتوريا – في كتابه «صندوق النقد الدولي: قوة عظمى في الساحة العالمية» إن الصندوق قد استغل تراجع اقتصادات الدول الناشئة وأجرى مفاوضات مع حكوماتها لضمان سَداد ديونها المُتراكمة للمصارف العالمية. ويقول بوضوح جليّ: «من الناحية الرسمية تكمن وظيفة الصندوق الأساسية في العمل على استقرار النظام المالي، وفي مساعدة البلدان المأزومة على تلافي ما تعانيه من مشاكل،
غير أن تدخلاته تبدو في الواقع أشبه ما تكون بغزوات جيوش متحاربة، وكان في كل تدخلاته ينتهك سيادة هذه الدولة أو تلك، ويجبرها على تنفيذ إجراءات ترفضها الأغلبية العظمى للمواطنين، وتخلف وراءها مساحة عريضة من خراب اقتصادي واجتماعي. وفي كل هذه التدخلات لم يستخدم الصندوق أسلحة أو جنوداً، بل كان يستعين بوسيلة غاية في البساطة، وبواحدة من آليات النظام الرأسمالي