أشاد دكتور مهندس نادر رياض رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني، بدور وزارة الصناعة في دورتها الحالية بقيادة الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الصناعة المصرية.
وأكد رياض أن الصناعة هي قاطرة التنمية والموفر الرئيسي لفرص العمل والموفر لآلية التنمية البشرية المستدامة طوال فترة دورة حياة العامل المهنية.
وأوضح رياض خلال مشاركته في مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي، أن القدرة التنافسية لأي صناعة تقوم على ثلاث ركائز متى استكملتها اكتسبت القدرة على الاستدامة والتطور الذاتي :
الركيزة الأولى: جودة الإنتاج والقدرة على التطور والتنمية المستدامة
الركيزة الثانية: خفض الكلفة الصناعية مقاسة على المعيار الدولي
الركيزة الثالثة: علاوة دعم الصادرات وإدارة عناصر الوقت
الركيزة الأولى: جودة الانتاج والقدرة على التطور والتنمية المستدامة
وقال رئيس مجلس الأعمال المصري الألماني:” تجدر الإشارة فى مجال جودة الإنتاج إلى أن الصناعات المصرية في مجملها الأهم تملك ناصية الجودة في صناعات عديدة بلغت فيها مستوى متميزا مثل: صناعات المحروقات كالأسمنت، السيراميك ومواد البناء وحديد التسليح والعديد من صناعات الأدوية وصناعات الألمونيوم والصناعات الهندسية كالأجهزة المنزلية وغيرها والصناعات الغذائية والكيماوية”.
وتابع: لكي يتحقق معيار تميز الجودة ، فإن الأمر يحتاج المزيد من تحقيق الدور المنوط بالجهات الرقابية الصناعية في ممارسته ، دفعاً للصناعات التي مازالت دون مستوى الجودة المطلوب، والتوسع في منح علامات جودة الإنتاج لكل من يستوفى معيار الجودة المطلوب، وكذا تسجيل علامات الجودة المصرية عالمياً لتعميم الاعتراف بها دولياً دون أن نغفل ضرورة تشديد العقوبة على استنساخ وغش علامات الجودة الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة بحيث تصبح رادعة لصناعات الغش والغشاشين دون أن نغفل الدور الهام للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في الرقابة على السلع ومكونات الإنتاج والخامات المستوردة للتحقق من استيفائها لشروط الجودة حتى لا تصبح مصر متلقياً للهابط من السلع متدنية الجودة والسعر مما يشكل منافسة غير مشروعة للمنتجات المصرية وتهديداً لأمن وسلامة المواطن .
الركيزة الثانية :خفض الكلفة الصناعية مقاسة على المعيار الدولي
ولفت دكتور نادر رياض إلي أنه يجب أن نولى هذا الأمر قدرة من الأهمية المتقدمة فى قائمة الأولويات وتتمثل عناصر الكلفة الصناعية في التالي :
فائدة الإقراض والتمويل الصناعي في مصر بالمقارنة بدول الجوار وتلك المستهدفة لتلقى الصادرات المصرية حيث لا يجب أن تتعدى نسبة كلفة تمويل القروض الصناعية بمنأى عن تلك المطبقة بدول الاتحاد الأوروبى والمنطقة العربية وجميعها لا تتعدى 5% في معظم الأحوال ، فما بالنا بكلفة الإقراض المعمول بها حالياً والتي تتراوح بين 15% ،30 % سنوياً ، وهو الأمر الذي يخرجنا عن نطاق المنافسة السعرية في التمويل والقدرة على التوسع الأفقى منه والرأسي .
ناهيك عن توجه أصحاب رؤوس الأموال لاستثمارها فى الشهادات الادخارية وهو استثمار ريعى يخلو من الضرائب ويخلو من أية مجازفة من تلك المتواجدة فى غيره من أوجه الاستثمار الصناعي أو التجاري مما يقف حائلاً أمام التنمية الصناعية من دخول جانب من المستثمرين الصناعيين المحتملين فى المنظومة الصناعية.
أسعار الطاقة
وأشار رياض إلي أن الصناع كانوا حتى وقت قريب يتمتعون بأسعار تفضيلية باعتبارهم من كبار المستهلكين تعلو مزاياهم السعرية مع زيادة استهلاكهم للطاقة الكهربائية التي تدير آلات المصانع ( 3 فاز) فما بالنا وقد انعكست الآية فأصبحت الطاقة الكهربائية تتزايد مع زيادة الاستهلاك.
والأمر يتطلب إعادة تسعير الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل المصانع بحيث تصبح منافسة للمعمول بها فى دول الجوار والاتحاد الأوروب .
كما أن هناك مقترحاً له فاعليته ومطبق بالدول الصناعية أوروبياً ألا وهو تسعير الطاقة الكهربائية في الفترة المسائية بأسعار مخفضة قد تصل الى 50% من تلك المستخدمة صناعياً فى الفترة النهارية وهو أمر كان له أثره فى دخول الكثير من الصناعات عالية الطاقة فى حيز الربحية بعد سنوات من الخسارة قبل تطبيق هذا المبدأ عند الاعتماد على الاستهلاك الليلي للطاقة الكهربائية المنخفض الطلب عليه ومنها مصانع الألومنيوم ومصانع المحروقات.
أسعار النقل واللوجستيات
لاشك أن المجتمع الصناعى ينظر بالفخر للإنجازات التى تمت فى مجال النقل البرى وشبكة القطارات الحديثة والتى يخصص جزء منها لنقل البضائع وكذا إعادة تأهيل المواني برفع طاقتها الإنتاجية وإمدادها بالوسائل الحديثة من روافع بحرية ومحطات لتستيف ونقل الحاويات.
مما رفعت من شأن موانينا على كل من البحرين الأبيض والأحمر مما جعلها على مصاف الندية مع موانئ الدول الحديثة، دون أن نغفل الموانئ الجديدة التي تم استحداثها لتصبح جاهزة للتشغيل كطاقة إضافية يعتمد عليها.
بقى أن نتوسم أن هذه الخطوة المتميزة من جانب الدولة لرفع قدرات الموانئ فى الشحن والتفريغ مع الحفاظ على إدارة عناصر الوقت وزيادة طول الأرصفة بما يتمشى مع الطموحات المستقبلية فى أن يؤدى ذلك إلى خفض كلفة النقل البحري دون أن نغفل أهمية التفاوض مع المؤسسات الدولية لخفض قيمة التأمين البحري على البضائع الواردة والصادرة عن تلك الموانئ باعتبار أن المخاطر المتعلقة بالتعامل مع الموانئ المصرية قد انخفض بصورة كبيرة مع حركة التحديث التي تمت.
الركيزة الثالثة: علاوة دعم الصادرات وإدارة عناصر الوقت
اختلف المحللون الاقتصاديون مع صناع القرار حول قيمة وجدوى دعم الصادرات فرفعوا قيمتها تارة وخفضوا من قيمتها تارة أخرى ، وانتهوا بإلغائها بزعم عدم جدواها، وحديثي هنا ينسحب على دعم الصادرات المصرية من السلع الهندسية مثل الآلات والمعدات والأجهزة المنزلية من غسالات وثلاجات وغيرها وكذا معدات الإطفاء والسيارات والأتوبيسات، ذلك إذ أن تلك السلع الهندسية تعتبر من السلع المعمرة والتي يتطلب تصديرها إنشاء شبكة متكاملة من مراكز البيع والصيانة المتخصصة في تلك الدول الأوروبية وكذا إيجاد مخزون من تلك السلع جاهزة للتوريد الفوري وكذا مخازن لقطع الغيار حتى يتسنى تعيين وكلاء معتمدين ومراكز صيانة متخصصة ومؤهلة للتعامل على كامل الرقعة الجغرافية المستهدفة تصديرياً ، هذا بالإضافة لعمل كتالوجات فنية وكتيبات بالعديد من اللغات لشرح المعدة ومكوناتها ونظام التشغيل وقوائم كافة قطع الغيار الداخلة في مكوناتها بالاسم والرقم الكودي، كل هذا قبل الشروع في إرسال أية صادرات لتلك الدول.
والأمر ليس بخاف أن هذه الخطوة الكبيرة والضرورية لها كلفتها العالية والتي تحمل على السعر الذي يجب أن يكون منافساً للأسعار المعمول بها في هذه الدو .
لذا فإن نظرية تخصيص دعم صادرات السلع الهندسية من منتجات مصرية يتطلب وجود دعم تصديري يبلغ في نطاقها الأدنى 15% وهو أمر لازم وضروري لتأمين آلية لتصدير تلك السلع الهندسية .
ونؤكد أن غيبة ذلك الدعم سيقف حائلاً أمام تلك الصادرات خاصة وأن العمر الافتراضي للسلع الهندسية لا يقل عن 10 سنوات مع توفير خدمات ما بعد البيع من مراكز صيانة وقطع غيار طوال هذه الفترة وتحمل كلفة ذلك .
بقى أن نذكر فى استحياء أن سرعة أداء الجهاز الحكومي للخدمات الصناعية لا يتواكب مع كفاءة إدارة عناصر الوقت، ومثال ذلك أن أداء رسم دعم الصادرات المستوفى لكافة الشروط ظل يتأخر فى أداءه لفترات تراوحت بين سنتين وثلاث سنوات قبل إلغائه ، مع غض النظر عن المتأخرات فى السداد المستحقة قبل قرار الإلغاء.
وللتدليل على أهمية إدارة عناصر الوقت فى المجتمع الصناعي ، فإننا نسوق إحدى المسلمات الصناعية المتمثلة فى حالة التفاوت الزمني فى إنتاج سلعة عن مثيلتها لدي صانع أخر بما قيمته 10% أو يزيد فإنه من المقطوع به أن انتاج السلعة ذات الزمن الأطول فى إنتاجها سيتوقف فى غضون سنوات قليلة لتخرج خارج المنافسة ، وهو الأمر الذي يعلى من شأن أهمية إدارة عناصر الوقت سواء على المستوى الصناعي أو الخدمات المؤداة بواسطة الأجهزة الإدارية بالدولة.