مصباح قطب
شعبويا يمكن مع مظاهرات تركيا اليوم ضد رئيسها ان اقول : يارب يا متجلى اهلك الاردوغانلى . موضوعيا فان الطريق طويل جدا أمام تركيا لفض الحبل السرى بينها وبين الصهيونية ، بغض النظر عن استمرار أردوغان من عدمه .
انه الحبل الذى قام أردوغان بتمتينه إلى أبعد حد فى تاريخ تركيا الحديث . معادلة أردوغان واضحة : التقية ليست تكتيكا شيعيا فقط .
وبما ان الصهيونية تسيطر حتى على أقوى دولة فى العالم ،اى أمريكا، فإننا لن نتورط ابدا فى صراع مع الصهيونية وكل ما دون ذلك ممكن بما فى ذلك احتكاكات هنا أو هناك بقادة وساسة أمريكا ذاتها .
نتذكر انه حين حاول اردوغان تمثيل ادخال مجموعة تركية بالسفينة مرمرة عنوة إلى غزة من البحر لزوم بناء سمعة لدى جماعات الإسلام السياسي فى قمة هيجانها بالمنطقة ، والرد الاسرائيلي العنيف علي المحاولة وقتل عدد كبير من ركاب السفينة ، قد تم قطع العلاقات ،لكنها عادت كالسمن على العسل ، وفهم أردوغان انه يمكن ان يمثل دور المناضل الأكبر دفاعا عن الاسلام والمسلمين مع الجميع، إلا مع إسرائيل…
وانه لن يصطدم ثانية ابداا بالصهيونية مهما حدث ولو على سبيل كده وكده …وقال لنفسه انه يمكننا كذلك ان نتقاسم معها المكاسب ، مخفيا تلك السياسة تحت ستار ان الحرب خدعة والمهادنات خدعة ، وكل أمر يقبل ان يكون فيه خدعة ، ما دمنا نكسب ، ولا اعتبار هنا لقدس او غزة أو اى بلد عربى او اسلامى ، او اى مبدأ.
فى ذهنه ان الخلافة ضاعت منا مرة وحين نحييها هذه المرة لن ندعها تسقط مطلقا باخذ الصهيونية ظهير لنا …
وقد بلغ الالتزام الصارم بهذه القاعدة حد ان قال مفكر روسي ان البلد الوحيد فى العالم الذى لم تطعنه تركيا من الخلف هو إسرائيل.
هذه السياسة أصبحت مهيمنة على مفاصل الدولة ،ولها رجالها وشبكات مصالحها وادواتها الخشنة والناعمة والقذرة طوال الوقت ، ولذا فان فرص هاكان فيدان، مدير مخابر ات تركيا السابق ووزير خارجيتها حاليا والأب الروحى للحركات الإرهابية التى نشطت فى مصر وسوريا وليبيا والصومال ، والحافظ الامين للخط الاردوغانلى ، فى ان يكون خليفة أردوغان لاتزال هى الأعلى رغم قوة السند الشعبي لاكرم أمام أوغلو،عمدة إسطنبول ، الذى تم اعتقاله امس بعد ان أعلن انه سيخوض انتخابات الرئاسة ، وقامت المظاهرات الغير مسبوقة اليوم دفاعا عنه