الكاتب الكبير جلال دويدار نشر مقالتين عن قانون البنك المركزي الجديد ، وضرورته لحماية ودائع المواطنين ، وتحقيق أهداف التنمية ، ومواكبة الدستور ، الذي يحض علي بناء مؤسسات قوية ، لمواجة التحديات الداخلية والخارجية ..
مقالته الأولي بعنوان : في إنتظار تشريع البنك المركزي لمزيد من الثقة لمسيرتنا الإقتصادية
وجاء فيها :
يعد الجهاز المصرفي علي مستوي العالم عصب أي نهضة اقتصادية في أي دولة. إنه المحرك الأساسي لكل الأنشطة التي تساهم في تحقيق هذا الهدف.
لضمان أن يقوم هذا الجهاز المكون من مجموعة البنوك العاملة.. فإنه لابد من أن تكون هناك مؤسسة سيادية علي أْعلي مستوي من المهنية المصرفية المالية لمتابعة رقابة أداء هذه البنوك لواجباتها ومسئولياتها في كل ما يتعلق بالمعاملات البنكية والمالية محليا ودوليا.
هذه المؤسسة السيادية تتمثل في البنك المركزي باعتباره »أبو البنوك». إنه الذي يتحمل مسئولية التزام هذه البنوك بما هو منوط بها من أعمال لتسيير الحركة الاقتصادية.
في هذا الإطار كان لابد أن يكون هناك تشريع خاص لتنظيم إدارة هذه المنظومة بما يؤدي الي تحقيق الالتزام والانضباط. هذا الدور الذي يقوم به البنك المركزي يحتم تمتعه بالاستقلالية الكاملة وفقا لدساتير كل الدول. الدليل علي هذه الحقيقة ما تتعرض له تركيا حاليا من أزمة اقتصادية تفاقمت نتيجة تدخل أردوغان العثماني المغرور في أعمال البنك المركزي.
هذا التشريع لابد أن يكون هدفه الأساسي الحفاظ علي ودائع المواطنين التي تستخدمها هذه البنوك في أداء المهام الموكولة إليها لصالحهم ولصالح التنمية الاقتصادية المستهدفة. لابد أن تستند هذه العملية المهنية الفنية إلي قواعد ومباديء ونظم في قانون البنك المركزي.
بدأ التحرك لإعداد هذا التشريع المنتظر والمأمول بضوء أخضر ورعاية من القيادة السياسية في إطار سعيها للازدهار والاستقرار الاقتصادي. توصلا لهذه الغاية لجأ مسئولو البنك المركزي للالتقاء برؤساء البنوك والخبراء والمستشارين المستقلين للاستماع الي آرائهم وملاحظاتهم.
هذه الخطوة تطلبت الاستعانة أيضا بما هو مطبق دوليا بعد استكمال صياغة التشريع وتقديمه الي مجلس الوزراء لاعتماده ثم إرساله الي مجلس النواب لإصداره.
بالطبع فإن الساحة الاقتصادية في انتظار صدور هذا التشريع الغاية في الأهمية لدفع المسيرة الاقتصادية التنموية المصرية. في نفس الوقت فإنه يعد دعامة قوية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ يؤتي ثماره. ضمان تواصل هذا الانجاز يستهدف توافر الاستقرار للمعاملات البنكية من أجل الرعاية وتمويل الخطوات اللازمة لمتطلبات التنمية.
من المؤكد أنه كان أمام انجاز هذا التشريع.. التجربة الناجحة التي كان قد أقدم عليها البنك المركزي بقيادة محافظه الأسبق الدكتور فاروق العقدة في الفترة من ٢٠٠٤ وحتي ٢٠١٠. إجراءات التطوير والتحديث التي تم إخضاع البنوك لها في ذلك الوقت. انها كانت وراء الاستقرار الاقتصادي وتجنب الآثار المدمرة للأزمة الاقتصادية العالمية عام ٢٠٠٨.
من حسن الحظ أن الذي يتولي مرحلة التطوير الجديدة اللازمة لمواكبة ومواصلة نجاح هذه المسيرة.. هو طارق عامر أحد العناصر الأساسية التي كانت تعمل إلي جوار فاروق العقدة. هذه الصلة وما يرتبط بها من ثراء مهني وفني.. تعني السير علي الطريق السليم ودعم مسيرة نجاح دور البنك المركزي المصري. هذا الأمر ما كان يمكن أن يتحقق بدون دعم ورعاية القيادة السياسية.
المقالة الثانية بعنوان
قانون البنك المركزي.. لصالح تأمين البنوك وتعظيم التنمية
وجاء فيها :
كما هو معروف فإن تقدم أي دولة مرهون بما يحققه من تنمية اقتصادية وما يرتبط بها من تنمية إجتماعية. تحقيق هذا الهدف يتوقف علي إقامة المشروعات التي يوفر إنتاجها احتياجات الاستهلاك المحلي.. ليس هذا فحسب وإنما ايضا اتاحة فائض مناسب للتصدير للحصول علي العملات الأجنبية اللازمة لسد إحتياجات الاستيراد. بالطبع فإن تمويل هذه المشروعات يعتمد علي ما لدي أصحابها من أموال ثم اللجوء بعد ذلك الي الاقتراض لاستكمال ما يحتاجونه لاستكمالها.
إستجابة البنوك لطلب أي ممول لابد أن تخضع للبحث ودراسة الجدوي الاقتصادية التي يجب أن يتولاها متخصصون. الهدف من كل هذه الاجراءات ضمان الحفاظ علي ما يتم تقديمه من قروض أموال المودعين والمساهمين.
هذا الحرص نابع من حتمية الحفاظ علي أموال البنك التي هي أموال المواطنين التي يودعونها لديها مقابل الحصول علي عائد استثمارها. تقدير قيمة أي بنك يعتمد علي حجم معاملاته في جذب المدخرات وما يقدمه من قروض لتمويل استثمارات المشروعات سواء إنتاجية أو خدمية.
هذه المعاملات لا تتم اعتباطا ولكنها محكومة بالقواعد الملزمة للبنوك من جانب البنك المركزي. وفقا للقانون الحالي الذي ينظم هذه الدورة والذي سوف يتم معالجة ثغراته وتحديث في التشريع الجديد للبنك المركزي. يأتي ذلك لصالح استراتيجية الاصلاح الاقتصادي والتنمية التي تتبناها القيادة السياسية والحكومة للانطلاق بهذا الوطن.
الإقدام علي هذه الخطوة كان وليد ما كشفت عنه التطورات بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي انها جاءت استجابة للمتغيرات وما فرضته من حاجة إلي ضرورة تحديث القانون الذي يحكم عمل البنك المركزي والبنوك. هدف ذلك يتركز في مسايرة هذه المتغيرات وما تفرضه علي الساحة الاقتصادية.
إذن ولكي تقوم هذه البنوك بدورها علي أكمل وجه وبصورة آمنة. تبرز الحاجة الماسة الي تشريع جديد للبنك المركزي يستجيب لهذه المتطلبات. إن أهم ما يجب الاشارة اليه في هذا الصدد هو أن هذا التشريع يجب ان يتضمن التأكيد والحرص علي التطلعات والآمال والطموحات وصولا الي المستقبل الواعد.