حسن عامر
هذه الملفات إستمعت اليها في جلسة خاصة ، وشارك فيها عدد من القيادات العليا وعدد من كبار الصحفيين . وأجد من واجبي كمحرر متخصص في الشؤون المالية والمصرفية والإقتصادية ، أن أطرح جانبا هاما من القضايا للمناقشة مع الرأي العام ..
الملف الأول : يتعلق بالقرارات الإئتمانية للقطاع المصرفي في مصر . الأرقام المطروحة تقول إن القطاع متحيز للشركات والمؤسسات الكبري . يتسابق ويتنافس علي تمويل مشروعاتها ، ويتوائم مع توجهاتها الإستثمارية ، التي تشكل أرضية إحتكارية ، تضر كثيرا بمستقبل اقتصاديات السوق الحرة والإجتماعية .. ( مصطلح السوق الحرة الإجتماعية مطروح الآن بقوة لدي المؤسسات الدولية وبعض المدارس الإقتصادية المتطورة ) .
الدليل : أن إجمالي ودائع المواطنين حتي نهاية فبراير ٢٠١٩ بلغت ثلاثة ترليونات و٨٦٤ مليار جنيه ..
قدم منها تسهيلات مالية وقروض وتمويلات للشركات الكبري ترليون و٥٤٠ مليار جنيه . بينما خصص للقروض الإستهلاكية ٢٧٥ مليار جنيه ( للأفراد والشركات أيضا ) . وحصلت المشروعات الصغيرة والمتوسطة علي ١٣٢ مليار جنيه من ديسمبر ٢٠١٥ حتي ديسمبر ٢٠١٨ .
وفي التفاصيل نجد أن شريحة ضخمة من القروض توجهت الي شركات غير إنتاجية ..
النتائج علي هذا النحو غير سوية ، وتستدعي توجيها من جانب السلطات المالية والمصرفية لتصويب المعادلة ..
نحن مجتمع يعاني من ضعف الطاقة الإنتاجية . وعلينا توجية قدر متوازن من التسهيلات المالية للقطاع الإنتاجي .
نحن مجتمع يعاني من البطالة ، واستقر في يقينه أن المشرعات الصغيرة والمتوسطة تعيد التوازن الي معادلة الخلل في الإنتاج والتشغيل .
القضية التي يطرحها هذا الملف : هل يمكن إعادة التوازن الي محفظة التمويلات للقطاع المصرفي ، دون أن يشكل ذلك عبئا علي حرية القرار المصرفي ..
الملف الثاني : إن هذا المجتمع يعاني من خلل جائر في مستويات الأجور ، ولهذا الخلل متداعيات مرعبة إجتماعية وأخلاقية .
أمس نشرت البشاير تقريرا للزميل نبيل سيف عن شواهد الفجور في الأجور والمكافآت التي تحصل عليها الإدارة العليا في بعض المواقع :
ونتحفظ علي الإفصاح علي أسماء الشركات :
* مصروفات الإنتقال للسادة أعضاء مجلس الإدارة ٤٥٠٠ دولار وبدل حضور الجلسات ١٠٠٠ دولار وبدل حضور اللجان الفنية ٢٠٠٠ دولار بصرف النظر عن عدد الجلسات
* مكافأة إعضاء مجلس الإدارة في شركة خاصة : ٢١ مليون و٦٠٠ الف جنيه
* مكافأة أعضاء مجلس إدارة شركة حكومية ٦٠ مليون و٣٠٠ الف جنيه .
* مستشفي خاص : مكافأة أعضاء مجلس الإدارة مليون و٧٠٠ الف دولار مع منح مكافأة مقطوعة لكل أعضاء مجلس الإدارة المستقلين وغير التنفيذين ٥٠ الف دولار و١٥٠٠ دولار عن الجلسات .
ربما تدخلت الدولة بطرق غير مباشرة ، للحد من فجور مايتقاضاه النجوم والفنانين الذين يقدمون مسلسلات رمضان ..
وعليها أن تتدخل للحد من تفشي فجور المرتبات والإجور التي يحصل عليها الآلاف بإدعاءات غير مؤكد ، وفي مقدمتها الكفاءة الخارقة ، والخبرات النادرة .. ولن نتحدث هناك عن الشهادات المزورة .
الملف الثالث : إن الشركات والمؤسسات تعاني من خلل غير محدود في سلطات الإدارة وإحتكار القرار . فلا صوت يعلوا علي صوت رئيس مجلس الإدارة . ولا رأي ولا قرار لمجلس الإدارة ، أو الإدارات الفنية .. وفي كل الحالات يستخدم رئيس مجلس الإدارة سيف المعز وذهبه لترويض كل من هم تحت قيادته .. النتائج كارثية علي مستوي شركات القطاع العام والهيئات والمؤسسات التابعة للدولة ..
وأكثر من كارثية لو تمت إدارة البنوك والمؤسسات المصرفية بهذا النموذج ..
من هذا المنظور يجب تطبيق برامج الحوكمة بكل دقة علي القطاع المصرفي ..
لا يجب أن ينفرد رئيس مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي للبنك بسلطة القرار وحده . ويجب إختيار رئيس مجلس إدارة مستقل لكل بنك ، وعليه أن يراقب بدقة أعمال البنك ، ويتوقف عن مباشرة السلطات الفخرية . ويجب تفعيل شروط إختيار الأعضاء ذوي الخبرة إعتمادا علي الكفاءة ، وليس المجاملة . ويجب منح لجنة الرقابة الداخلية في البنك سلطات موازية لصاحب القرار الأول ..
وكلها تطبيقات تستمد شرعيتها من أكواد بازل واحد حتي بازل خمسة ..
الملف الرابع : مازال القطاع الإنتاجي والخدمي يعانيان من تسلط بيروقراطي مهين . ومازال المنتجون يجأرون بالشكوي من الرسوم التي تفرضها الجهات المختلفة . ومن قيمة الأراضي الصناعية ، ومن تكاليف الخدمات التي تؤدي لهم .
علينا إنقاذ المنتجون من جدران النار التي تحيط بهم ، وتمنعهم من إختراق الأسواق الداخلية والخارجية .
البديل الآخر : أن تظل أسواقنا مستباحة للمنتجات الواردة من الخارج ، وبعضها جزء من النفايات الصناعية في العالم الخارجي ..
وعلي المنتجين أنفسهم التخلص من كل القيود الذاتية والسلبية التي تمنعهم من الإنطلاق ..
والإلتزام بالدقة والكفاءة والجدارة وفنون التسويق ..
الملف الخامس يتعلق بوعي المستهلكين أنفسهم ..
ربما يظن البعض أن مجموعة العلاوات التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ يومين ، ستؤدي الي موجة عالية من التضخم . وأن الأسواق سوف تلتهب مجددا ..
الرئيس من ناحيته وجه الدعوة بخوض معارك المقاطعة لأي سلعة تستبيح دخول المستهلكين .
قال بالحرف الواحد « ماتشتروش أي سلعة يرتفع سعرها » ..
سلاح المقاطعة يلعب دورا كبيرا ..
يضاف الي ذلك أن التحليل الفني لأوضاع السوق لا تتوقع موجة تضخم عالية . إجمالي الأجور الجديدة ٣١ مليار جنيه .
هذا السوق قدم للقطاع المصرفي ٨٠٠ مليار جنيه مدخرات خلال عامي ٢٠١٦/٢٠١٨ . وصرف معدلات فائدة عن هذه المدخرات ٣٠٠ مليار جنيه خلال العامين الماضيين . ومع ذلك لم يحدث التضخم الذي يتوقعه المرجفون .. ولا قياس بين ٣٠٠ مليار و٣٠ مليار ..