تستعد بنوك عالمية لأكبر جولة من تخفيضات الوظائف منذ الأزمة المالية العالمية، حيث يتعرض المسؤولون التنفيذيون لضغوط خفض التكاليف في أعقاب تراجع العائدات الاستثمارية. ووفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، فإن عمليات التسريح – التي من المتوقع أن تصل إلى عشرات الآلاف في جميع أنحاء القطاع – تعكس عمليات التوظيف الجماعي التي قامت بها البنوك على مدى السنوات القليلة الماضية والإحجام عن طرد الموظفين خلال الجائحة.
وقال لي ثاكر، مالك شركة Silvermine Partners للبحث عن الكفاءات: «إن تخفيضات الوظائف القادمة ستكون شديدة الوحشية خصوصا ان بعض البنوك العالمية وظفت أكثر من اللازم على مدار العامين أو الثلاثة أعوام الماضية»، وبالفعل، بدأت بنوك مثل كريدي سويس وغولدمان ساكس ومورغان ستانلي ونيويورك ميلون، في إلغاء أكثر من 15000 وظيفة في الأشهر الأخيرة، ويتوقع مراقبو الصناعة أن يحذو الآخرون حذوها.
عكس التيار
في المقابل، يتطلع بنك عالمي واحد على الأقل إلى تعزيز صفوفه، وإن كان ذلك بطريقة مستهدفة، إذ قال الرئيس التنفيذي لبنك «يو بي إس» رالف هامرز في دافوس إن المصرف السويسري «يخالف الاتجاه» عندما يتعلق الأمر بالتوظيف.
وقال توماس هاليت، المحلل في شركة Keefe Bruyette & Woods: «لقد رأينا بعض الطلقات التحذيرية من الولايات المتحدة، ويحتاج المستثمرون إلى رؤية الإدارة تتصرف بناءً على التكلفة ومحاولة الحفاظ على عوائد جيدة، وسوف يميل الأوروبيون إلى اتباع البنوك الأميركية».
من جانبها، توقعت آنا أرسوف، الرئيسة المشاركة للخدمات المصرفية العالمية في «موديز»، أن تكون تخفيضات الوظائف أقل حدة مما كانت عليه أثناء الأزمة المالية، لكنها أكبر من الانهيار في الأسواق بعد انهيار الدوت كوم في عام 2000. وقالت: «ما نشهده هو تعويض عمليات التسريح العادية للبنوك التي تم إيقافها مؤقتًا خلال السنوات القليلة الماضية». «سنشهد تقليصًا في الامتيازات الأوروبية، لكن ليس بحجم البنوك الأميركية».
إلى حد بعيد، أكبر التخفيضات التي تم الإعلان عنها حتى الآن هي من قبل كريدي سويس، الذي هو في منتصف تجديد استراتيجي جذري يهدف لترسيخ البنك السويسري واعادة هيكلته. وفي أكتوبر الماضي، قال البنك إنه سيقلص 9000 وظيفة من قوته العاملة البالغ عددها 52000، وبالتالي فان حجم إعادة هيكلة البنك أكبر مما مر به البنك خلال الأزمة المالية، عندما اضطر إلى تسريح أكثر من 7000 موظف في عام 2008 لكنه تجنب الإنقاذ الحكومي.
ولا تتوقع جميع البنوك إجراء تخفيضات كبيرة في عدد الموظفين، على الرغم من أنها تتخذ تدابير أخرى لإبقاء التكاليف منخفضة.
توظيف الأكثر أهمية
قال بنك أوف أميركا، الذي يوظف 216 ألف موظف على مستوى العالم، إنه ليس لديه «أي خطط لتسريح جماعي للعمال»، على الرغم من أنه يتبع نهجًا منضبطًا للتكاليف ولن يقوم إلا بتوظيف الوظائف الأكثر أهمية، اذ أخبر الرئيس التنفيذي بريان موينيهان بلومبيرغ في دافوس أن عددًا أقل من الأشخاص غادروا البنك عما كان متوقعًا العام الماضي، مما أثر في سياسة التوظيف الخاصة به. ولم تقدم «سيتي غروب» حتى الآن سوى القليل من التفاصيل حول عدد قوتها العاملة العالمية البالغ عددها 240 ألفًا والتي ستتأثر بعمليات التسريح، لكن المدير المالي مارك ماسون قال إن هناك ضغوطًا لخفض التكاليف، بعد تراجع بنسبة 22 في المئة في الأرباح.